والعجب ممّا ذكره في الترجيح عند تعارض العقل والنقل! كيف يتصوّر الترجيح في القطعيّين ، وأيّ دليل على الترجيح المذكور؟!
وأعجب من ذلك الاستشكال في تعارض العقليّين من دون ترجيح مع أنّه لا إشكال في تساقطهما ، وفي تقديم العقلي الفطري الخالي عن شوائب الأوهام على الدليل النقلي ، مع أنّ العلم بوجود الصانع إمّا أن يحصل من هذا العقل الفطري أو ممّا دونه من العقليّات البديهيّة ، بل النظريّات المنتهية إلى البداهة.
____________________________________
الموارد أنّ ما أجابه المصنّف رحمهالله عن موارد الترجيح من جواب واحد جواب عن الجميع لأن الملاك ـ وهو منع الترجيح صغرى وكبرى ـ واحد في جميع موارد الترجيح ، حيث قال : (والعجب ممّا ذكره في الترجيح).
وحاصل الجواب أن الترجيح ممنوع وباطل صغرى وكبرى ، أمّا الصغرى فلامتناع التعارض بين القطعين لاستحالة حصول قطع على خلاف قطع آخر كما تقدّم في كلام المحدّث الجزائري ، وأمّا من حيث الكبرى فلعدم الدليل على الترجيح المذكور على تقدير إمكان التعارض ، إذ ما دلّ على ترجيح أحد الدليلين على الآخر كما هو في باب التعادل والتراجيح دلّ على ترجيح الدليل الظني على الدليل الظني الآخر ، فلا يجري في المقام.
(وأعجب من ذلك الاستشكال في تعارض العقليين من دون ترجيح مع أنّه لا إشكال في تساقطهما) هذا جواب عن المورد الأول المذكور في كلام المحدّث ، حيث قال : والّا فاشكال.
قوله : (وفي تقديم النقلي) جواب عن الإشكال الثاني المذكور في كلامه حاصل الجواب : لا ريب ولا شبهة في تقديم الدليل العقلي الفطري على النقلي ، ووجه الأعجبية بعد اشتراكه مع الفرض السابق في عدم الدليل على الترجيح أنّه قد صرّح بحجّية العقل الفطري مطلقا ، وقال : إن ما حكم به هذا العقل الفطري يكون مطابقا للشرع ، فكيف يتصوّر تعارضه مع النقل مع أن التعارض فرع للمخالفة؟
(بل النظريات المنتهية إلى البداهة) نحو : العالم حادث ، وكل حادث يحتاج إلى محدث ، فالعالم يحتاج إلى محدث ، وهذا البرهان نظري ينتهي إلى البديهي ، مثل : العالم