فيقال : إنما يحكم بوضع الحكايات التأريخية المدونة في كتب التأريخ والسير من أي ملّة ودين إذا خالفت قرآنا محكما ، أو سنّة قطعيّة ، أو إجماعا ثابتا ، أو دليلا عقليا قاطعا وإلاّ مجرد كونها مخالفة لهوى النفس لا يصلح دليلا للحكم على بطلانها ولا تدليلا على فسادها ، فضلا عن كونها شنيعة ـ كما يزعم وأخوه ـ والحكاية المذكورة سالمة من ذلك كلّه كما يأتي ، ومن المعلوم أن الّذي دفع الآلوسي إلى إنكار ما تضمنته هذه الحكاية التأريخية ، وحرّكت عضلاته المرتعشة ، وأثارت غضبه فجعلته يهذي هذيان المحمومين ، اشتمال هذه الحكاية على تفضيل عليّ عليهالسلام إمام الأمة بعد أخيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على أوليائه ، لذا ترى روح العداء لعليّ أمير المؤمنين عليهالسلام ماثلة في يراعه ومنطقه.
الوجه الثاني : قوله : « انتهت الحكاية المكذوبة والقصة الأعجوبة ».
فيقال فيه : أولا : إن الظاهر من قول هذا الرجل ، وهو : ( أنهم يذكرون في كتب التأريخ حكايات موضوعة ومن ذلك حكاية حليمة السّعدية ) أن هذه الحكاية بما هي حكاية تاريخية مكذوبة وموضوعة ، والّذي يظهر من كلامه أخيرا أن ما فيها مكذوب ، فهي إنما صارت مكذوبة عنده وأعجوبة لديه لما فيها من تفضيل عليّ عليهالسلام على الخلفاء الثلاثة (رض) لا من حيث تفضيلها له على الأنبياء عليهمالسلام فإن تفضيلها له على الأنبياء عليهمالسلام أهون عند ( الشيخ ) من تفضيلها له عليهالسلام على خلفائه (رض) لذا تراه تصدّى لتفنيد ما فيها بوجوه تكاد إذا نفخت لها تذوب.
ثانيا : أن الظاهر المشهور بين أمناء التأريخ ثبوت هذه الحكاية عن ابنة حليمة السّعدية ـ وأظنها حرّة ـ وإنما نسب الحكاية إلى أمها ليوهن به جانب القصة ، ويحكم بوضعها بدعوى عدم وجودها في عصر الثقفي على ما حكاه من تاريخ حياتها ، وهبها لم تكن موجودة وأن الحكاية موضوعة كما يدّعي ، فلما ذا يا ترى شمّر عن ساعديه ، وبذل كلّ ما في وسعه وجهده لإبطال ما فيها؟ وجاءنا بأمور تجهض الحبلى منها ، وأقبح من ذلك وأطم أن يحسب أولئك الّذين قرضوا