يحبهما ، فأبو بكر يقول : مزامير الشيطان في بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول له : دعهما فإن لكلّ قوم عيدا وهذا عيدنا.
فرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ـ والعياذ بالله ـ يحب الباطل وهو مزمارة الشيطان ، وأبو بكر لا يحب الباطل ، وكأن مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أسس على أن يلعب فيه السّودان بالدرق والحراب لا على ذكر الله والعبادة فيه ، فهل يا ترى لم يجدوا مكانا في أرض الله الواسعة يلعبون فيه إلاّ مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مكان العبادة وموضع الدعاء ، وكأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عندهم لا يملك شيئا من الغيرة فيقول لزوجته : ( أتشتهين تنظرين ) أو أنه يجوز على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يأمر زوجته بالنظر إلى الأجانب ، ويخالف بذلك قول ربّه الّذي أمر بوجوب الغضّ من أبصارهن بقوله تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ ) [ النور : ٣١ ] وهل هناك طعن في قداسة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعفافه غير هذا.
ويقول ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ( ص : ١٤٢ ) من جزئه الثالث ، ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة ( ص : ٢١٠ ) من جزئه الأول :
( إن شاعرا أنشد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شعرا ، فدخل عمر فأشار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الشاعر أن أسكت ، ولما خرج عمر قال له : عد ، فعاد ، فدخل عمر فأومأ إليه بالسّكوت مرّة ثانية ، فلما خرج ، قال الشاعر : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذا الرجل؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : هذا عمر بن الخطاب وهو رجل لا يحب الباطل ).
ويقول البخاري في صحيحه ( ص : ٤٨ ) من جزئه الثاني في باب الوقوف والبول عن سباطة قوم ، عن حذيفة : ( إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ) أتى سباطة قوم فبال قائما ).
وأنت ترى ما في هذه الأحاديث من نسب قبيحة وتهم شنيعة يكاد المسلم أن يموت منها أسفا وينخلع فؤاده جزعا ، وأقبحها أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحب الباطل وكلّ من أبي بكر وعمر (رض) لا يحبان الباطل ، ولو عرف هؤلاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حق معرفته لما نسبوا إليه ما يوجب تشويه سمعته ، والتنقص من قدره ، والحط من كرامته عند أعداء الإسلام ، وإذا تعدينا ما عزوه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الوصمات إلى ما نسبوه إلى الله تعالى لرأينا الأمر فيه أدهى وأطم.