إليهن ما من شأنه التنقص من قدرهن والحطّ من كرامتهن ، أو يمسّ بشيء من عفافهن كما صنعه معهن الخصوم.
فالشيعة يقدّرون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حقّ قدره ، ويحفظونه في زوجاته وأهله ولا يقولون فيه ما يوجب اللّوم عليه ، فضلا عما يوجب الطعن في ربيع شأنه وعلوّ مقامه.
ويعتقد النّاس أن الآلوسي الّذي عزا إلى أمهات المؤمنين خروجهن بلا حجاب بين طبقات بني آدم لا يرى من الجائز في غيرته ـ لو كانت له غيرة ـ أن تخرج نساؤه بلا حجاب فكيف يرى جواز ذلك في غيرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم العظيمة وعفاف نسائه المصونة ، وفي الحديث : ( من لا غيرة له لا دين له ).
ثالثا : لو سلّمنا جدلا أن هذه القصة وقعت قبل نزول آية الحجاب ، وسلّمنا باطلا أن أمهات المؤمنين كنّ يخرجن إذ ذاك بلا حجاب ـ على حد زعمه ـ ولكن هل يا ترى كانت قصة المزامير وعمل الشيطان وقصة حبّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للباطل وعدم حبّ عمر (رض) له قبل نزول التحريم؟ وإذا كان ذلك قبل نزول التحريم فكيف جاز لأبي بكر (رض) أن يقول إنه من عمل الشيطان؟ فهل يا ترى أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان يعلم أن ذلك من عمل الشيطان؟ وأبو بكر (رض) علم ذلك؟! أو كان يعلم ولكن أراد اللهو والطرب والاستماع إلى الغناء (١) وأبو بكر (رض) منع ذلك لأنه من الباطل ، وهو لا يحب الباطل ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحبه نعوذ بالله من ذلك كلّه ، أو أن خصوم الشيعة أرادوا تنزيه أبي بكر وعمر (رض) عن كلّ منكر
__________________
(١) وقد أخرج السيوطي في الدرّ المنثور ( ص : ١٥٩ ) من جزئه الخامس أكثر من عشرة أحاديث في تفسير قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) أن لهو الحديث في الآية هو الغناء ، ومن ذلك ما أخرجه عن ابن أبي الدنيا ، والبيهقي ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ) ومنها ما أخرجه ، عن أبي أمامة : أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ( ما رفع أحد صوته بغناء إلاّ بعث الله إليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك ) وفي أواخر ( ص : ١٥٩ ) قال : قال يزيد بن الوليد الناقص : يا بني أمية إيّاكم والغناء فإنه ينصل الحياء ، ويزيد في الشهوة ، ويهدم المروءة ، وإنه لينوب عن الخمر ، ويفعل ما يفعل السّكر ، فإن كنتم لا بدّ فاعلين فجنبوه النساء ، فإن الغناء داعية الزنا ) فلتراجع.