ودنس من طريق الغضّ من كرامة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذه جرأة على قداسة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يرتكبها ذو دين ومن كان من المسلمين.
وأما قوله : ( مع أنهن كنّ يخدمن الأزواج بحضور الأجانب باتفاق الفريقين ).
فيقال فيه : إن أراد بالضمير في قوله ( يخدمن ) أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأن ذلك مما اتفق الفريقان عليه ، فإن أراد أنهن يخدمن وهن محجبات فذلك مما لا كلام فيه ، وإن أراد أنهن كن يخدمن وهن بلا حجاب فذلك ما تتبرأ الشيعة أشدّ البراءة منه وممن ينسبه إليهم إفكا وزورا ، إذ لا يجوز عند عقولهم ـ وهم القائلون بالتحسين والتقبيح العقليين ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يدع زوجته سافرات بحضور الأجانب فضلا من أن يتفقوا عليه.
نعم هذا شيء اتفق عليه خصوم الشيعة فيمن نسبوا إليه أنه يحبّ مزمارة الشيطان ويحبّ الأغاني والطرب ، ولا ينكر الباطل الّذي أنكره أبو بكر (رض) وشدّد النكير عليه في بيته على مرأى منه ومسمع ، وهذه هي الطامة التي يصغر عندها الطامات وهي الرزية التي ما أصيب الإسلام بمثلها أبدا.
وأما قوله : « كيف لا وروي أن فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت تغسل جراحه صلىاللهعليهوآلهوسلم بمحضر سعد ».
فيقال فيه :
أولا : إنّا نطالب الآلوسي عمن روى هذا الحديث وأين رواه ومن هم الناقلون له؟ لنرى مبلغ صدقه من كذبه ، ولما لم يأت على ذكره علمنا أنه موضوع لا أصل له ، أو مجهول ساقط لا يساوي فلسا.
ثانيا : لو سلّمنا به جدلا فإن أراد أنها كانت بلا حجاب بمحضر سعد فذلك باطل وهو من أقبحه ، فإن المسلمين يربأون عن نسبة ذلك إلى الصدّيقة الطاهرة البتول عليهالسلام لا سيّما أن غسل جراحة بمحضر سعد لو صح لا يدل على أنها كانت بلا حجاب ، لأنه أعمّ منه والعام لا دلالة فيه على إرادة الخاص عند العلماء ، وإن أراد أنها كانت بحجاب فذلك لا محذور فيه ولم يكن كلامنا فيه.