وأما قوله : « مع أن الشيء قبل تحريمه لا يكون فعله موجبا للطعن ».
فيقال فيه :
أولا : إنّا لو قطعنا النظر عن التحريم لكان خروجهن بلا حجاب بين الأجانب يعني ـ على زعم الآلوسي ـ أنهن فاقدات الحياء : ( ومن لا حياء له لا غيرة له ) وهل يكون الطعن في غيرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وحياء نسائه غير هذا.
ثانيا : إن الشيء قبل تحريمه لا يمنع من الطعن في ارتكابه لانتفاء الملازمة ، إذ ربّ فعل لا يكون حراما أولا وبالذات ولكن فعله موجب للطعن كجلوس بعض الذوات الرفيعة مع زوجاتهم في المقاهي العامة من غير ضرورة ، أو التجوال معهن في الأزقة جنبا إلى جنب أو يدا بيد ونحو ذلك مما يوجب عيبا وحطّا من قدرهم مع أنه ليس بحرام وقد يكون حراما ثانيا وبالعرض كما لو كان فعله مخالفا للمروءة كأكل العالم الديني الطعام ماشيا في الأسواق بين الناس ، فإن ذلك يجعله موضع السّخرية والاستهزاء بينهم.
والخلاصة أن الطعن وعدمه في ارتكاب غير الحرام يختلف باختلاف أشخاص المكلفين رفعة وضعة ، فرب فعل يفعله الشريف وهو مناف لشرفه ، وهو وإن لم يكن حراما ولكن فعله يوجب الطعن فيه ، وعلى العكس من ذلك لو فعله غيره فإنه لا يكون موجبا للطعن فيه وهلم جرا.
وأما قوله : « وقد صح بين الفريقين أن سيّد الشهداء حمزة شرب الخمر ».
فيقال فيه :
لم يصح شيء من ذلك بين الفريقين كما يزعم هذا الآلوسي الّذي يحيف على من يبغض ، فيلصق به الدواهي وينسب إليه العظائم.
نعم إنما صح بين الفريقين أن الخليفة عمر (رض) شرب الخمر بعد نزول آيات التحريم ، وقد سجّل ذلك عليه شيخ أهل السّنة شهاب الدين محمّد بن أحمد ، في كتاب المستطرف ( ص : ٢٦٠ ) من جزئه الثاني ، قال : ( قد أنزل الله