المحرّف له ( الخليفة ) عثمان بن عفان (رض) لأنه هو الّذي أمر بجمعه وترتيبه ـ كما اعترف به في بعض كلماته على ما تقدم في أوائل الكتاب.
وأما قوله : ( وعليه فلا يصح التمسك به على مذهبهم ).
فيقال فيه : إنه إنما لا يصح التمسك به على مذهب الآلوسي الذي ثبت في صحاح أئمته لا سيما عن إمامه عمر (رض) وقوع التحريف فيه وإسقاط الكثير منه دون خصومه الّذين يعتقدون خلاف ذلك ويرون بطلانه.
وأما قوله : « لأنهم يزعمون أن نقلة هذا القرآن مثل ناقلي التوراة والإنجيل ».
فيقال فيه : إن الشيعة يقولون : إن الّذي جمع القرآن ورتبه كما أنزل الله تعالى هو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وهو الموجود اليوم بأيدي المسلمين ، ولكن لما وصل إلى أيدي الآخرين كعثمان وغيره قدّموا وأخروا بعض الآيات المكّية على المدنيّة ، فلم يكن ترتيبه في جمعه حينئذ على حسب ترتيبه في النزول على ما سجل ذلك السّيوطي في إتقانه وغيره من مفسري أهل السنة وذلك لا يعني تحريفه إطلاقا.
وأما قوله : ( كالصحابة العظام فإنهم يعتقدون فيهم أنهم منافقون ).
فيقال فيه : سبحانك أللهم من هذا الافتراء ، فإن تعظيم أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم العظام وصحبه الكرام وإجلال شخصياتهم كاد أن يكون من الضروري في مذهبهم ، نعم يقولون كما يقول القرآن في آيتي الانقلاب على الأعقاب والمرود على النفاق ، وتقول الأحاديث المحمديّة الصحاح (١) : إن الصحابة انقسموا على أنفسهم صنفين ، صنف المؤمنين العدول ، وصنف آخر غير مؤمن ولا عادل ، فانحازت الطائفة الأولى إلى عليّ عليهالسلام والطائفة الأخرى إلى غيره ، فإذا كان قول الشيعة بهذا الانقسام في أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تمسّكا بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونزولا على حديثه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم يعدّ ذنبا فالمسئول عنه كتاب الله وخاتم
__________________
(١) وقد أشار إلى هذا الانقسام البخاري في أبواب صحيحه في أحاديث الحوض ، والبطانتين ، ولتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا ، كما مرّ عليك تبيانه فتذكر.