الخامس : الاستقراء إذا كانت العلّة فيه منصوصة ، كما إذا ورد النصّ بلفظ :
( حرّمت الخمر لإسكارها ) بأن كان الملاك في حرمتها هو وجود علّة الإسكار فيها الّذي يدور الحكم مداره وجودا وعدما ، وقد وافق الشيعة في حرمة العمل بالقياس جماعة من أعلام أهل السنّة ، فمنهم : النظّام ، ويحيى الإسكافي ، وجعفر بن مبشر وأمثالهم وكثير من المعتزلة ، وقد مرّ عليك قول ابن حزم في بطلان القياس فتذكر ، فمن هذا تفهم أن ما ذكره الآلوسي من بطلان دليل العقل عند الشيعة بدليل عدم قولهم بحجيّة القياس باطل وغير صحيح.
أما ما لا يتوقف من أحكام العقل على الخطاب المولوي وإن ورد الدليل الشرعي في مورد حكمه فهو إرشادي مؤكد لحكومته للتلازم بين الحكومتين الشرعية والعقلية ، وهو أيضا على أنواع :
الأول : ما يستقلّ به العقل من الحسن أو القبح المعلومين بالبداهة ، كوجوب ردّ الوديعة ووفاء الدين والإنصاف والشفقة والصدق ونحو ذلك.
الثاني : حكمه على الأشياء فيما لا نصّ فيه من الشارع بعدم الوجوب والحرمة بعد إفراغ الوسع في البحث والفحص عن الدليل وعدم وجدانه ، وحينئذ فإنه يستقلّ بعدم وجوبه وعدم حرمته على أساس حكمه بقبح العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان وهي المسماة عندهم : ( بالبراءة الأصلية ).
الثالث : حكمه بإباحة المنافع.
فهذه أحكام العقل وهذه موارد حكمه وهذا هو معنى حجيّة حكم العقل عندهم لا سواه.