الشخصية التي تشبه في خرافتها أقاصيص ألف ليلة وليلة وهيهات ذلك ، يا هذا إن الّذين قتلوا عثمان بن عفان (رض) هم أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من المهاجرين والأنصار أهل الحلّ والعقد الّذين نصّبوه ونصّبوا من كان قبله على دست الخلافة في هذه الأمة ، بعد أن شاهدوا منه ما ترتعد لهوله فرائص أهل الدين ، وما ارتكبه في بيت مال المسلمين ، ومن تأميره قومه المنافقين أمثال معاوية ، والوليد بن عقبة ، وعبد الله بن أبي سرح ، ومروان وغيرهم من بني عمه الأمويّين ، وإعطائه مروان بن الحكم طريد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خمس إفريقيا (١) إلى غير ذلك من أقذار المنكرات والبدع التي رآها المسلمون من عثمان ، فطلبوا منه العدل في الرعية والقسمة بالسويّة فامتنع من ذلك بعد ما وعد فغدر ، فوثبوا عليه فقتلوه وأراحوا المسلمين من سوء فعله ووبال أمره ، ويتجلّى لك بوضوح تلك الفوضى الجارفة والمفاسد المهلكة في أيام إمارته بأقل وقفة بسيطة على تأريخ حياته التي قامت بسببها تلك القيامة وهاتيك الضوضاء والطّامة التي لم تهدأ فورتها إلاّ بقتل عثمان والقضاء على حياته.
ولم يكن القاتل له ( عبد الله بن سبأ وأصحابه ) الّذين لا وجود لهم في كون الحياة إطلاقا كما يزعم هذا ، وكيف يخفى على أحد قاتلوه والمسلمون كلّهم يعلمون أن الّذين قتلوه هم الّذين نصّبوه من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي طليعتهم أم المؤمنين عائشة تحرّض النّاس على قتله وهي تقول مشبهة له باليهودي : ( نعثل ) الّذي كان في المدينة : ( اقتلوا نعثلا قتله الله فقد غيّر وبدّل ) كما يحدّثنا بذلك التأريخ الصحيح وصحيح الحديث (٢) مما لا سبيل إلى إنكاره.
ثم يقال للآلوسي : لما ذا كان المقاتلون عليّا عليهالسلام المستحلّون قتله من القاسطين والناكثين مجتهدين مخطئين ولم يكونوا منافقين بحكم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) راجع ص : (٣٥) من تاريخ ابن الأثير من جزئه الثالث ، وقد ذكر ذلك كلّ من جاء على ذكره كالطبري في تاريخه ، والحلبي في سيرته ، والسيوطي في تاريخه ، وابن عبد ربه في العقد الفريد ، وغيرهم من مؤرخي أهل السنّة.
(٢) راجع ص : (٢٧) وما بعدها من الإمامة والسياسة لشيخ أهل السنّة ابن قتيبة وغيره ممن جاء على ذكره من مؤرخيهم.