الافتراء عليهم ، لأنهم متفقون جميعا على أن الله تعالى قادر على كلّ مقدور لم يخالف في ذلك أحد منهم.
ثانيا : قوله : « فإنهم قالوا إنّ الله لا يقدر على عين مقدور العبد ».
فيقال فيه : إنّما قال بعدم قدرته على عين مقدور العبد جماعة من خصوم الشيعة ، وقال آخرون منهم إنّه تعالى لا يقدر على القبيح ، وقال غيرهم ـ وهم منهم ـ إنّه لا يقدر على غير مقدور العبد ، إلاّ أنّهم تناقضوا في ذلك أقبح تناقض ، فنسبوا أفعالهم كلّها إلى الله ـ تعالى عن ذلك ـ لذا ترى الآلوسي يقول : ( ويكذبهم قوله تعالى : ( وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وقوله تعالى : ( خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) [ الأنعام : ١٠٢ ] ويعني هذا في زعمه أنّه تعالى خالق حتّى القبائح والرذائل والفسق والفجور والعهور لأنّها شيء ، وقد ألصق الآلوسي به ذلك كلّه لأنه تعالى : ( خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) تعالى عمّا يقول الجاهلون علوّا كبيرا.
أما إختلاف خصوم الشيعة في ذلك فقد سجّله عليهم شيخهم وكبيرهم الفضل بن روزبهان في كتابه الّذي سمّاه وما أكثر ما تكذب الأسماء : ( إبطال الباطل ) فليراجع ثمة من أراد الوقوف على أقوال أئمته في مثل ذلك ، لذا كان من اللاّزم على الآلوسي أن يقول إنه تعالى فاعل كلّ شيء من أنواع الفسوق والفجور والفواحش وأمثالها من أقذار المنكرات والقبائح ، وهي جرأة كبيرة على مقام الذات المقدّسة لا يرتكبها من له عقل أو شيء من الدين.
ويؤكد لك هذا قوله : ( بل أفعال العبد مخلوقة لله ص : (٥٣) ) فإنّه يدخل في فعل العبد شرب الخمر والزنا واللّواط والظلم والعدوان والشرك والكفر ، وقتل النفس المحرّمة والفساد في الأرض ، وأكل أموال النّاس بالباطل وغير ذلك من الجرائم ، وقد نسب في مقاله كلّ هذه المنكرات القبيحة إلى ذات الله تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
ثالثا : قوله : « ويكذبهم قوله تعالى : ( وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فمدخول من وجهين :
الأول : من الجائز أن يكون لفظ القدير في الآية بمعنى المقدور ، وحينئذ فلا دلالة في الآية على العموم ، لأن القدير يأتي في اللّغة بمعنى اسم المفعول ،