فهي تعلقها بتحديد سلوك العبد وما فيه صلاحه ، وأين هذا من الدلالة على قدمها الموجبة للشرك مع الله في القدم غيره والناسفة لتوحيده إطلاقا كما يزعم الآلوسي.
الآلوسي ص : (٦٠) : ( إنّ إرادة الله عامّة لجميع الكائنات كالشرور والمعاصي والفسوق إلى نهاية أقواله وتخرصات ذلك الهندي ).
المؤلف : أيّها القارئ إنّ من أخطر الأمور على عقل الإنسان أن يحاكي رواسب غيره من غير تمحيص وتدقيق ويتلقفها تلقف الكرة ، ويحرك عضلاته نحوها على غير بصيرة من أمرها ، وهذا ما حدث للآلوسي في كتابه فإنه أدلى بدلوه في الدلاء مع أولئك ، وقفز خلفهم كما قفزوا ، وهو لا يدري لما ذا وضع قدمه في موضع قدمهم.
ونحن قد ألمعنا أن إرادة الله تعالى إن تعلقت بالتكوين فهي تعني فعله وإيجاد كما نصّ عليه القرآن : ( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [ يس : ٨٢ ] وإن تعلقت بالتشريع فتعني أمره وإيجابه كما يقول كتاب الله : ( يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ ) [ النساء : ٢٦ ] ( وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ ) [ الأنفال : ٧ ـ ٨ ] ( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ ) [ الحجرات : ٧ ] وعلى عكس ذلك إذا كره شيئا لقوله تعالى : ( وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ ) [ الحجرات : ٧ ] وعلى هذا الضوء فإن كلّ عاقل يعلم أنّه إذا أراد شيئا من غيره على سبيل القطع فإنه يأمره به ، وإذا كره فعله منه ينهاه عنه ، ولا يشك عاقل في أن الأمر والنهي دليلان عنده على الإرادة والكراهة إلاّ هذا الآلوسي ، فإنك تراه يزعم أن الله تعالى يريد ما يكرهه ، فإن الله تعالى نهى عن الكفر والفسق والفجور وارتكاب اللّواط والزنا ، وكره ذلك وأضعافه من المنكرات القبيحة كما جاء التنصيص عليه في القرآن ، ومع ذلك فهو يريده على زعم الآلوسي وأنّه يعاقب على ارتكابها ، وهذا ما يوجب عزل الله تعالى عن العدل وسلبه منه ووصفه بالظلم والعدوان وغير ذلك من الصّفات الناقصة الرذلة التي هي من صفات الأشقياء الّذين دعتهم عصبيتهم إلى أن نسبوا إلى الله تعالى العظائم ويعزوا إليه كلّ نقص وعيب تعالى عما يقول الظالمون علوّا كبيرا.