يكفي في معرفة التكاليف بالإجماع ، والحاجة للرسل ماسّة بالضرورة ، وأيضا كان على الله تعالى أن ينصّب بعد موت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إماما غالبا غير خائف ... إلى آخر أقواله ».
المؤلف : ليس الوجوب الّذي تقول به الشيعة كما صوره الخصم ، وإنّما هو بمعنى أن الله تعالى بمقتضى حكمته وعدله أوجب على ذاته القدسية ألاّ يخلّ بالواجب ولا يفعل القبيح كما جاء التنصيص عليه في كثير من آيات القرآن الكريم ، كقوله تعالى : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) [ الأنعام : ٥٤ ] وقوله تعالى : ( إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ) وقوله تعالى : ( وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) [ الروم : ٤٧ ] وقوله تعالى : ( قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) [ الأنعام : ١٢ ] وقوله تعالى : ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ) [ الحج : ٤٠ ].
ومفهوم هذه الآيات واضح ، وهو يدلّ بصراحة على أنّه تعالى كتب على نفسه وأوجب عليها نصر المؤمنين ونصر من نصره ، كما أوجب عليه الرحمة وكتبها على نفسه ، وذلك لا يعني إيجاب غيره عليه إطلاقا على خصومه ، وكم من فرق بين ما أوجبه الله تعالى على نفسه بنفسه المدلول عليه في هذه الآيات ، وبين ما يوجبه غيره عليه ، والّذي ذهب إليه الشيعة هو الأول دون الثاني فإنه لا قائل به.
وأما قول الآلوسي : ( إنّهم يقولون إنه يجب على الله أن يكلّف المكلفين ) فهو كذب لا أصل له ، لأنهم إنّما يقولون إنّ الله تعالى لم يكلّف أحدا فوق طاقته ، ولم يلزمه الإتيان بغير المقدور ، وإنّه تعالى لم يفعل شيئا عبثا ، بل إنما يفعله لمصلحة وحكمة كما جاء القرآن به ، كقوله تعالى : ( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ) [ الأنبياء : ١٦ ] وقوله تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ ) [ المؤمنون : ١١٥ ] وقوله تعالى : ( ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) [ الذاريات : ٥٦ ] ولكن الآلوسي وغيره من خصماء الشيعة خالفوا هذه الآيات ونحوها ، وقالوا إنّه لا يجوز أن يفعل الله تعالى لغرض ولا لمصلحة ، ويجوز أن يؤلم العبد بغير غرض ولا مصلحة تعود إلى العبد.