وأنه مما لا خلاف فيه بين الأمة ، ولكن لما جهل معناه طفق يزعم هنا وهناك أنه لا معنى لاختفاء صاحب الزمان عليهالسلام.
أيها القارئ إذا كان هذا الآلوسي يعترف بصحة الحديث وصحة مضمونه فكيف يزعم أنه لا معنى لاختفائه ، والحديث نصّ في أن أهل البيت عليهمالسلام لا يفعلون شيئا إلاّ بإذنه ، وإذا كان يعترف ويقول كما تقدم أن أهل البيت عليهمالسلام مصيبون في أفعالهم وأعمالهم لأنهم مع القرآن والقرآن مصيب فكيف يا ترى ينتقدهم ويقول لا معنى لاختفاء قائمهم ، وهل هذا إلاّ قول متناقض مبطل يعترف بثبوت شيء ثم هو ينفي عين ما يعترف بثبوته ، وهذا حاله في جميع ما جاء به من المتناقضات نعوذ بالله من الجهل واختلال العقل.
الثاني : هل لنا أن نسأل الآلوسي فنقول له : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعلم أن المشركين لا يصلون إليه ولا يستطيعون قتله ، وأنه سيظهر على قريش ويعيش سنين طويلة ولا يموت إلاّ في اليوم الّذي يموت فيه ، أو ما كان يعلم ذلك؟ فإن قال : يعلم ، فيقال له : فلما ذا إذن اختفى في الغار وخرج ليلا وأمر عليّا عليهالسلام أن ينام على فراشه ويقيه بنفسه وهو يعلم أن المشركين لا يصلون إليه بشيء من الأذى ، فإن قال : كان ذلك بأمر الله ، قلنا : الجواب هو الجواب ، لأن أهل البيت عليهمالسلام أيضا لا يعملون شيئا إلاّ بأمر الله ـ كما مرّ بيانه ـ وإن قال : لا يعلم ، فيقال له : إن ذلك وإن كان خلاف الحقيقة فنقول به في ابنه صاحب الزمان عليهالسلام أيضا.
الثالث : نقول لهذا الخصم : أترى أن الله تعالى كان يعلم أن فرعون لا يستطيع أن يقتل موسى عليهالسلام ولا يناله بسوء ، وأن هلاك فرعون سيكون بسببه ولا يموت إلاّ بعد ذلك بمدّة أو ما كان يعلم؟ فإن قال : كان يعلم ، فيقال له : فلما ذا إذن أمر أم موسى عليهالسلام بقذفه في اليم وهو يعلم أنه لا يصل إليه شيء مما يخاف منه عليه من فرعون سواء ألقي في اليم أم لم يلق؟ فإن قال : كذلك كان أمر الله مفعولا ، فيقال له : كذلك كان أمر الله في صاحب الزمان مفعولا ، وإن قال : ما كان الله يعلم ، فقد كفر وكفانا مؤنة الردّ عليه ، ولقد فات الآلوسي أن يتمثل بقول الشاعر العربي.