العمياء ، وأما السنّة فكذلك لعدم إتيانها على جميع الأحكام التفصيلية وإلاّ لبطل الاجتهاد وفسد القياس المعتبر عند الآلوسي وغيره من خصوم الشيعة ، وبطلت المذاهب الأربعة التي يرجع إليها الآلوسي وغيره في أخذ دينهم.
وأما الإجماع فكذلك ، لأنه إذا جاز على كلّ واحد من المجمعين الخطأ جاز الخطأ على المجموع إن لم يكن ثمة معصوم معهم ، وذلك فإن معناه ضم من يجوز عليه الخطأ إلى مثله في جواز الخطأ عليه فلا عاصم لهذا المركب مع عدم وجود المعصوم فيهم ، ولأن إجماعهم ليس لدلالة وإلاّ لاشتهرت ولا لإمارة إذ من الممتنع اتفاق الناس في سائر البقاع على الإمارة الواحدة ، إذ لا يمكن اتفاقهم على أكل طعام معين في وقت واحد كما هو معنى الإجماع.
وجهة أخرى أن الإجماع عند خصوم الشيعة من الأمور المستحيلة وأنه ليس بالممكن المعقول وجوده بالمرّة على ما حكاه العضدي في شرحه للمختصر ، والبيضاوي في منهاجه ، والآمدي في أصول أحكامه (١).
وحكى عن إمامه أحمد بن حنبل ، أنه قال : ( من ادعى وجود الإجماع فهو كاذب ) وغيرهم من أعلام أهل السنّة في أصولهم ، فكيف يكون المستحيل حافظا للشريعة على زعم هذا الخصم الّذي لم ير شيئا من مقررات أئمته وأعلام مذهبه ، ثم إن الموارد التي أجمعوا عليها في المسائل الشرعية قليلة جدا والموارد التي اختلفت فيها أهواؤهم وآراؤهم كثيرة وقد مرّ عليك بعضها فتذكّر ، فكيف يكون حافظا مع هذا الاختلاف الفاحش بينهم ، فلو صح أن يكون الإجماع حافظا كما يزعم الآلوسي لحفظهم من ذلك الاختلاف الّذي بدّلوا به الدين وسنن سيّد المرسلين صلىاللهعليهوآلهوسلم أرأيت كيف يجب أن يكون الإمام هو الحافظ وأنه هو الّذي يجب
__________________
(١) تجد أقوالهم مفصلا في ص : ( ٢٨٢ ـ ٢٨٤ ) من جزئه الأول المطبوع سنة ( ١٣٣٢ ه ) ، وحكى ذلك أيضا الصدّيق حسن أحد شيوخ أهل السنّة في كتابه ( مطالب الحصول في المأمول من علم الأصول ) ص : (٤٣) وما بعدها المطبوع سنة ( ١٢٨٩ ه ). وهو تلخيص كتاب ( إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ) للشوكاني ، وهكذا سجّله العضدي في شرحه ص : (١٢٣) من جزئه الأول المطبوع سنة ( ١٣٠٧ ه ).