خصمه الآخر لصح احتجاج اليهود والنصارى وغيرهم من الكافرين بما تفرّدوا به على المسلمين أيضا.
وإذا كان ذلك ملزما لخصمه أن يأخذ به كان واجبا على المسلمين أن يقبلوا قول اليهود والنصارى وغيرهم فيما يقولون ولكان استدلالهم على المسلمين بآرائهم وأخبارهم ملزما للمسلمين أن يأخذوا بها ، ويعني هذا في زعم الآلوسي خروج المسلمين عن دينهم والتدين بغير دينهم فيكونون داخلين في قوله تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ ) [ آل عمران : ٨٥ ] وذلك لا يقول به من له دين أو شيء من العقل.
فاحتجاج الآلوسي على الشيعة بما تفرّد بنقله من هذا القبيل ، فلو كان ذلك ملزما للشيعة أن يأخذوا به لم يكن أولى من عكسه ، وهو أن يأخذ الآلوسي بما تفرّد الشيعة في نقله ، والأخذ بقول الشيعة هو المتعيّن على أساس قاعدة الترجيح بين المتعارضين بما مرّ عليك من أحاديث الثّقلين ، والسّفينة ، والنجوم ، وباب حطّة ، لذا كان احتجاجه على الشيعة باطلا من سائر الوجوه بخلاف احتجاجهم عليه وتفنيدهم لمزاعمه ، فإنه من الاحتجاج بما هو الحجّة عنده وعليه باعتبار أنه متفق عليه ، وقد عرفت اتفاقهم على نزول آية الولاية في عليّ عليهالسلام فوجب عليه أن يأخذ بما اتفقوا عليه ويترك ما اختلفوا فيه ، لا سيّما أن الآلوسي يزعم أن الإجماع حافظ للشريعة ، فإذا كان حافظا لها فلما ذا يا ترى شذّ عنه ولم يأخذ بما أجمع المسلمون كلّهم عليه.
( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ) [ الصف : ٣٨٥ ] ومن هذا كلّه يتضح للقارئ أن جميع ما جاء به الآلوسي من المزاعم الباطلة والمنكرات الهائلة التي حاول بها تأويل الآية وجعلها في غير أهلها لا يعتمد إلاّ على العصبية الأثيمة التي يرزح تحت جورها ويئن من ثقل قيودها.
عاشرا : قوله : ( أما رواية نزولها في عليّ عليهالسلام فإنما تفرّد به الثعلبي ).
فيقال فيه : ما قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ