ثانيا : قوله : ( والظاهر من ملاحظة سياق الآية إرادة الأزواج ).
فيقال فيه : إنه مردود من وجوه :
الأول : إنّ في تغيير الأسلوب في الآيات المتقاربة المسوقة لذكر أهل البيت عليهمالسلام وأزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والعدول عن خطاب المؤمنات إلى الذكور ( دقيقة ) لم يهتد لها الآلوسي ، وإنما زعم نزولها في الأزواج تبعا للآخرين تقليدا وبغير تفكير وتلك هي ، إن مقام أهل البيت عليهمالسلام عند الله هو غير مقام أزواجه عليهالسلام ولا يمكن لإحداهن الوصول إليه إطلاقا لذا أخرجهن الله عن أهل البيت عليهمالسلام إخراجا كما ستقف عليه.
الثاني : إن إطلاق أهل البيت على الأزواج ليس على أصل وضع اللّغة وإنما هو إطلاق مجازي لا يصار إليه إلاّ مع القرينة ، لذا ترى الآلوسي اعتبر السّياق قرينة على إرادة الأزواج دون أن يشعر إلى أن قرينة السّياق مخالفة لإرادته ومدمّرة لمبتغاه ، ولو كان من المشترك اللّفظي لعيّنته قرينة السياق التي تأبى إرادة الأزواج كلّ الإباء مع قطع النظر عمّا ورد في نزولها في الأربعة باتفاق الفريقين.
الثالث : إنّ الآية نصّ صريح في حصر التطهير بأهل البيت عليهالسلام من الرّجس ـ أي مطلق الذنب ـ وقصره عليهم بقرينة : ( إنّما ) والإرادة دلالة على وقوع الفعل للمراد لاستحالة تخلّف مراده عن إرادته التكوينية ، لقوله تعالى : ( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [ يس : ٨٢ ] وحينئذ فلا يجوز وقوع الذنب ممن طهّره الله من مطلق الذنب.
فلو كانت الآية تريد الأزواج لزم حمل كلام الله على التنافي والتناقض لأجل أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على حدّ زعم الآلوسي وهو لا يجوز ، فذلك مثله لا يجوز ، ولمّا كان التناقض في قوله تعالى مستحيلا كانت إرادة الأزواج من الآية مستحيلة أيضا.
توضيح ذلك هو : أنه لو كان يريد الأزواج لكان قوله تعالى في السياق : ( إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَ ) [ الأحزاب : ٢٨ ]