ـ أي أطلقكن ـ مناقضا لتطهيرهن من مطلق الذنوب ، لأنها ملعبة ومفاخرة بغير تقوى الله بقرينة ما بعدها من قوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ) [ الأحزاب : ٢٩ ] فلو كان أهل البيت في الآية هم نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لبطل هذا التفصيل ولم يكن له في الوجود صورة والقول ببطلانه كفر وضلال.
الرابع : لو صح أن الآية تريد نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لكان ذلك أيضا مناقضا لقوله تعالى في السياق : ( يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ ) [ الأحزاب : ٣٠ ] لأن فيه دلالة واضحة على جواز الفاحشة عليهن ، فأين هذا من التطهير وعدم جواز الفاحشة على أهلها كما هو مفادها.
الخامس : لو كانت الآية تريد نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فما معنى قوله تعالى : ( عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ ) [ التحريم : ٥ ] أوليست هذه آية أخرى على أن الله تعالى قد أباح لرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم طلاقهن ، ولما ذا يا ترى أباح له ذلك والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من قد عرفناه وعرفنا قول الله تعالى فيه : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) [ القلم : ٤ ] أو ليس ذلك لصدور ما يوجب غضبه وتنفره من بعضهن ، وليس من الممكن المعقول أن يقدم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن كان ذلك شأنه على مفارقة بعض زوجاته بالطلاق إلاّ لحدوث عظائم الأمور منهن ، وأين هذا من التطهير من كلّ الذنوب المدلول عليه في الآية.
السّادس : لو صح أنها تريد الأزواج فأي معنى يا ترى لقوله تعالى في السياق : ( أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً ) [ التحريم : ٥ ] أو ليس هذا يرشد : ( لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) [ الأحزاب : ٦ ] إلى أن هناك نساء في عصرهن خير منهن قبل أن يتزوج بهن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا شك في أن طهارة تلك النّسوة من الذنوب باطلة بإجماع الأمة فكيف يا ترى يكون من المعقول أن غير المعصومات في عصر نسائه صلىاللهعليهوآلهوسلم خير من نسائه صلىاللهعليهوآلهوسلم لو كنّ معصومات كما يزعم الخصوم.
وإنّما أوردنا لك ذلك كلّه لتعلم أن ما زعمه الآلوسي من نزول الآية في نساء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يعتمد إلاّ على التقليد الأعمى الّذي هو آفة الأيمان الذي يورد صاحبه إلى الجحيم.