فيقال فيه : أرنا واحدا من الشيعة يعترف بروايات الغسل ، وكيف يا ترى يعترفون بها وهم قديما وحديثا لا يعتمدون في أحكامهم إلاّ على أهل البيت عليهمالسلام ويرون أن كلّ شيء يرد عن غير طريقهم فهو جهل وضلال ، فإذا كان هذا شأنهم في أخذ الأحكام وأنهم لا يعتمدون في النقل على غير طريق شيعتهم ومواليهم ، فكيف يزعم هذا الآلوسي أنهم يعترفون بروايات الغسل وهي مخالفة للضروري من مذهب أئمتهم ، فروايات الغسل ليست من رواياتهم ولا يعرفونها مطلقا.
الحادي عشر : قوله : « وفعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سالم عن المعارض بين الفريقين ».
فيقال فيه : قد عرفت من الأحاديث التي أخرجها لنا حفاظ أهل السنّة أن فعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحابته الكرام كان على مسح الرجلين دون غسلهما ، وفعله هذا سالم عن المعارض باتفاق الفريقين ، لثبوت ذلك في صحاح الطائفتين ، كما ألمعنا من ذهاب الكثير من علماء أهل السنّة إلى وجوب مسح الأرجل وعدم جواز غسلهما ، وكما يقتضيه فحوى كلام الآلوسي ـ المارّ ذكره ـ من أن الغسل صار مذهبا لأكثر أهل السنّة فهو مذهب لأكثرهم دون جميعهم ، وعليه يكون المجمع على وجوبه بين الفريقين هو مسح الرجلين ، فيتعيّن الأخذ به وترك المختلف فيه لأنه المجمع عليه لا ريب فيه ، فرواية غسل الأرجل موضوعة لا أصل لها ، وذهاب الآلوسي وغيره إلى مضمونها مع مخالفتها لنصّ القرآن وفعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يخرجها عن الوضع والتزوير ، لا سيّما وقد أعرض أكثر المسلمين من أهل السنّة والشيعة عنها ، فلا يجوز للآلوسي وغيره من العوام أن يأخذوا بها ، وقد اختلف علماؤهم فيها فالواجب عليهم أن يأخذوا بما هو المتفق عليه بين العلماء وهو المسح ، لأنه مبرئ للذمة من التكليف الواقعي باليقين ، فإن اشتغال الذمة باليقين يستدعي اليقين بالبراءة وهو لا يحصل إلاّ بمسح القدمين لا بغيره ، لأنه هو الّذي فعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والّذين كانوا معه من أهل بيته وأصحابه ، وهو المستفاد من ظاهر الآية لا سواه ، بل هو الّذي لا خلاف في صحة روايته بين أهل الإسلام.
الوجه الثاني عشر : قوله : « وقد روى العياشي عن أبي هريرة ».