تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ) [ التوبة : ٣٨ ] وقال تعالى : ( وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ) [ التوبة : ٤٥ ـ ٤٧ ].
فإن الخطاب في هذه الآيات وأضعاف أمثالها كلّه موجه للصحابة قصدا وأولا وبالذات ، وهي صريحة في وجود الكذابين والمنافقين والعصاة والمجادلين لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على القتال ، والمتثاقلين عنه ، والمنكرين عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم والكارهين الخروج معه ، والمصغين للفساد ، والسّامعين كلمة الكفر من المشركين ، والقاعدين عن القتال معه كما نصّت عليه هذه الآيات ، فالحكم عليهم جميعا بالعدالة تشريع محرّم وحكم بغير ما أنزل الله تعالى فيهم في القرآن.
وأما السنّة فحسبك أحاديث الحوض ، والبطانتين ، ولتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا بشبر المروية في الصحيحين (١) البخاري ومسلم وغيرهما من صحاح أهل السنّة مما لا خلاف فيه بين الأمة.
فهذا البخاري يقول في صحيحه ( ص : ١٥٠ ) في باب بطانة الإمام وأهل مشورته من جزئه الرابع ، عن أبي سعيد ، وأبي أيوب ، وأبي هريرة بأسانيدهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : ( ما بعث الله من نبيّ ولا استخلف من خليفة إلاّ كانت له بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتحضّه عليه ، وبطانة تأمره بالشرّ وتحضّه عليه ، فالمعصوم من عصمه الله ).
ويقول البخاري في ( ص : ٩٤ ) من صحيحة من جزئه الرابع ، في باب الحوض كغيره من أهل الصحاح ، بإسناده عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : ( بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال :
__________________
(١) ويقول الهيتمي في الصواعق المحرقة ، في الباب الأول الّذي عقده لبيان كيفية خلافة أبي بكر ، في الفصل الأول ( ص : ٥ ) من طبعة ( ١٣٢٤ ه ) ما لفظه : روى الشيخان في صحيحهما اللّذين هما أصحّ الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتدّ به.