اختلق المذاهب في الإسلام وابتدعها في الدين فأماتوا بها السّنن جماعة من أهل الدجل ، أما الإمامية فقد عرفت أنهم مصداق الآيات المتقدم ذكرها ـ في سورة الواقعة وسورة سبأ وسورة ص ـ وأنها لا تصدق على الآخرين ولا تريدهم مطلقا.
ثالثا : في الآية دلالة واضحة على صحة مذهب الإمامية وهي المصداق الوحيد لقوله تعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ) [ آل عمران : ١٩ ] ولو بمعونة ما ورد في صحيح الحديث في نجاتها وهلاك ما عداها من الفرق مطلقا ، ولا ريب في أن من كان من الناجين يجب أن يكون من الشاكرين وهم قليلون ، فيكونوا أفرادا للآيات وتكون دليلا على أنهم على الحق المبين وما عداهم من الفرق في خسران مبين.
__________________
تلك المذاهب لأنفسهم ، ومنعوا الآخرين من الوصول إلى شيء منها عن طريق غيرهم وأنهم حرّموا التصرف فيه على الآخرين ، ولا يصح أن يقال فيهم أنهم أو صدوا بابه وصدّوا عن سبيله واعتقلوا العقول عن إدراكه وجعلوا على أبصار الناس غشاوة عن النظر إليه ، وعلى قلوبهم أكنة من أن يفقهوه ، وفي آذانهم وقرا من أن يستمعوه ، وختموا على أفواههم عن النطق به ، ووضعوا في أيديهم الحديد ، وفي أعناقهم الأغلال عن الوصول إليه ، كلاّ ثم كلاّ كلّ ذلك لم يكن ولن يكون أبدا ، ثم إنا نسأل الآلوسي عن مذهبه الّذي تبناه واختاره من بين هذه المذاهب الأربعة وآثر الرجوع إلى الأجساد البالية والعظام النخرة ، وأخلد إلى العجز ، وركن إلى الكسل ، ورضي بالحرمان ، وقنع بالجهل والتحجير على عقله ، فإن قال : إني حنفي المذهب ، فيقال له :
أولا : لم اخترت هذا المذهب دون غيره من المذاهب؟ ومن أين علمت أن الحق والصواب في هذا المذهب؟ وأي دليل من الكتاب والسنّة دلّك على أن النجاة في سلوك هذا المذهب؟ فإنك لمسئول عن هذا كلّه أمام الله تعالى يوم القيامة ، فإن قال : إنما سلكت هذا المذهب لأن أبي كان عليه ، فيقال له : كيف يجوز تقليد الآباء في الدين؟ ومن أين ظهر له أن الحق فيما سلكه الآباء؟ وهو عاجز عن إثبات شيء من ذلك بالدليل ، فقوله هذا مصادم للحجّة ومعدول به عن الدليل والبرهان ، وقد حرّم الله تعالى تقليد الآباء في الدين فذم المقلّدين لهم ووبخهم بقوله : ( أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) وقال تعالى : بل قالوا ( إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) كما في كل من الآيات : ٢١ ـ ٢٥ ، من سورة الزخرف إلى غيرها من آيات الذكر الحكيم التي تدل بصراحة على حرمة تقليد الآباء في أخذ الدين بلا دليل وهذا ما لا يمكنه رده.