__________________
عصمتهم إجماعا وقولا واحدا ، والآية تريد من أهل الذكر خصوص من كان معصوما ، لأنها أمرت بالسّؤال من أهل الذكر على الإطلاق ، ومن أمر الله بسؤاله على سبيل الجزم والإطلاق يجب أن يكون معصوما ، وذلك لأن وجوب السؤال يستلزم وجوب الجواب ، ووجوب الجواب يستلزم وجوب العمل ، ووجوب العمل مطلقا بقول المسئول موجب لعصمته من الخطأ ، وإلاّ وجبت الإطاعة لمن يجوز عليه الخطأ عن عمد أو سهو ، وقد ثبت بالضرورة من دين المسلمين أنه لا شيء من الخطأ بحكم الله جائز العمل به فضلا عن وجوبه ، ومن حيث أنه تعالى أمر بالعمل على سبيل الجزم مطلقا بقول المسئول علمنا أنه يريد عصمته مطلقا ، فالآية لا تنطبق على الأئمة الأربعة وليسوا من صغراها خاصة إذا لاحظنا تضاربهم في الفتوى واختلافهم فيها ، ولو سلّمنا جدلا إنهم من صغراها ولكن لا تشملهم وهم موتى وتلك قضية السؤال والجواب الموجبة للحياة الممتنعة من الأموات ، وحينئذ فلا يصح الرجوع إليهم على الإطلاق.
الثالث : لو فرضنا أنهم أجمعوا على منعه ومع ذلك فإن إجماعهم ليس بحجّة في شيء لأنه ليس من الإجماع الحجّة المصطلح عليه بين علماء المسلمين أجمعين من أنه ( اتفاق مجتهدي الأمة ) ومجتهدوا الأمة قطعا لم ينحصروا في أصحاب المذاهب الأربعة ولم ينحصر هؤلاء بهم وإلاّ بطل اجتهاد الصحابة والتابعين أجمعين ، وببطلانه يبطل كلّ إجماع أقاموه لا سيّما ما ادعوه في السّقيفة وبطلانه مما لا يقولون به بإجماعهم.
الرابع : لو فرضنا حجيّة إجماعهم فهو ساقط بإجماع على جوازه في العصور الأولى وما بعدها مطلقا.
الخامس : إن إجماعهم على منعه مخالف لحكم العقل القاطع بفساده لاستلزامه تحجير عقول المسلمين في فهم الأحكام بالأدلة من غير دليل يقرّه العقل ويشهد به الدين ، وموجب لبطلان أدلة الاجتهاد بالأحكام الثابتة باليقين عند المسلمين أجمعين ، وفي بطلانها بطلان اجتهاد الأئمة الأربعة لا خصوص من جاء بعدهم ، وهو لا يذهب إليه أحد من المسلمين.
السادس : إن فتواهم بحرمة الاجتهاد موقوفة على جواز اجتهادهم شرعا ، والجائز شرعا لا يكون حراما ولا يجوز نسخه بعد انقطاع الوحي لأن : حلال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم حلال إلى يوم القيامة الحديث المتقدم ذكره ، والجائز في أصل الشرع لا يكون جائزا لبعض وحراما على آخرين بالضرورة من الدين ، وإذا كان الاجتهاد حراما كان اجتهادهم في تحريمه حراما لأنّ حرام محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم حرام إلى يوم القيامة كما تقدم في الحديث وهذا ما لا سبيل لهم إلى دفعه ، وتوهم اختصاص أدلة تحصيل الاجتهاد بهم من أوضح الباطل وأقبحه لعموم أدلة تحصيل الأحكام بالاجتهاد للمكلفين أجمعين في العصور الأولى وما بعدها عند ما لم يكن واحد من الأئمة الأربعة ولا أحد من آبائهم إلى يومنا هذا فيكون تخصيصها بهم ، لا سيما إذا لاحظنا عدم وجود أصحاب المذاهب زمن صدورها تخصيصا بلا مخصص وبطلانه واضح.
السابع : كيف يتسنى لمن له عقل أن يغلق باب الاجتهاد في تحصيل الأحكام الشرعية في وجوه المسلمين بعد أن كان مفتوحا على مصراعيه في القرون الثلاثة وما بعدها ، ومن هذا الّذي يرضى لنفسه من حيث يشعر أو لا يشعر أن يقول إن ما جاء به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من العلوم والأحكام قد احتكره أئمة