بأنّ مادّة الحذر لا ينافي الطّلب الغير الإلزامي ؛ إذ كثيرا ما يكون في المكروهات مفسدة يطلب الحذر منها. نعم ، الثّاني منهما موجّه ؛ إذ من الإجماع المركّب من القولين ـ أي : الوجوب على تقدير حجيّته ، والحرمة على تقدير عدمها ـ يثبت التّلازم بين رجحان الحذر عقيب الإنذار ، ووجوبه.
فإن شئت قلت : حكم الطّريق لا يخلو من أمرين : الوجوب ولو تخييرا والحرمة ، هذا. وقد ذكر المحقّق القمّي قدسسره في « القوانين » وجها آخر لإثبات كون الحذر في المقام واجبا لخّصه بعض أفاضل من قارب عصرنا بطوله (١).
وهو : « أنّ ندبيّة الحذر من العمل بخبر الواحد غير معقول ؛ لأنّ خبر الواحد قد يشتمل على إيجاب شيء ، أو تحريمه ، ولا يعقل ندبيّة العمل بالواجب ، أو الحرام. نعم ، قد يتصوّر ندبيّة العمل بالواجب في الواجب التّخييري ، لكن لا يكون التّخيير إلاّ بين أمرين ، وليس الأمر الآخر هنا إلاّ العمل بالأصل ؛ إذ الكلام في حجيّة الخبر الواحد حيث لا معارض له بالخصوص. وحينئذ فإمّا أن يعتبر التّخيير بين الأخذ والعمل بكلّ منهما ، أو بين مفادهما.
والأوّل تخيير في المسألة الأصوليّة سواء اعتبر التّخيير بينهما على الإطلاق ، أو في خصوصيّات الموارد. أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثّاني ؛ فلأنّ التّخيير فيه من جزئيات التّخيير في الأوّل وفروعه ، والمفهوم من الآية على ما بني عليه
__________________
(١) هو صاحب الفصول قدسسره.