والإخبار بها بعد العلم وإيصالها إلى المتخلّفين الجاهلين ، بحيث يبلغ الحقّ النّفس الأمري ويصل إلى كلّ أحد ، فيصير النّاس كلّهم عالمين بما بلغه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما يقتضيه إيجاب التّبليغ على الشّاهد ، فالنّافر مكلّف بتكليفين :
أحدهما : تعلّم ما جاء به من النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثانيهما : تبليغ ما تعلّمه إلى غيره.
والمتخلّف مكلّف بقول ما بلغه من الأحكام الدّينيّة ، فإن علم بأنّ متعلّق إخباره أمر ثابت من النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيجب قبوله ، وإن لم يعلم به لم يجب عليه القبول ، لا من جهة تعلّق الحكم بالمعلوم ، بل من جهة الشّك في موضوع الخطاب الموجب للشّك في تعلّق الخطاب الإلزامي ؛ فيرجع إلى الأصل كما هو الشّأن في سائر الموارد بل يحكم في المقام وأشباهه ـ من موارد الشّك في وجود الطّريق الشّرعيّ أو طريقيّة الموجود ـ بالحرمة ؛ نظرا إلى أنّها مقتضى الأصل الأوّلي في مشكوك الحجيّة في جميع الموارد.
فينحصر مورد وجوب الحذر في الكتاب بما إذا علم المنذر « بالفتح » صدق المنذر « بالكسر » في إنذاره ، ليس من جهة أنّه مدلول لفظيّ للآية ، بل من جهة دلالة العقل عليه في جميع الخطابات والتّكاليف المتعلّقة بالواقع ؛ من حيث إنّ مدلول الخطاب فيها تابع لوجود موضوعه في نفس الأمر ، إلاّ أنّ تنجزّه على المكلّف وفعليّته في حقّه في حكم العقل مشروط بتبيّنه ؛ ضرورة استحالة العلم بالمحمول ، مع الشّك في وجود الموضوع.