واضح ، وهذا هو المراد من التّكليف المتوسّط في « الكتاب » لا ما يزعمه غير الخبير بمراده قدسسره.
ولك أن تقول : إنّ الحكم الواقعي الغير المختلف باختلاف الظّنون والآراء متعلّق بالواقع والحكم الظّاهري المختلف باختلافهما يتبع مقتضيات الأصول والأمارات وإن بقي لك تأمّل فيما ذكر مع ما عرفت ، فارجع إلى ما أوردنا من الكلام في أوائل التّعليقة في شرح الحكم الواقعي الشّأني والفعلي والظّاهري (١).
ثمّ إنّ المراد من قبح العدول عن الظّن إلى الوهم المتكرّر في كلامه وقبح الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي مع التّمكن من الامتثال الظّني في المقام ليس ما يتراءى منه في باديء النّظر من حسن العمل بالظّن ذاتا وقبح الأخذ بغيره كذلك ، بل المراد منه القبح العرضي الغيري من جهة ملاحظة طرح الواقع كثيرا في غيره ، والحسن الغيري من جهة إدراك الواقع كثيرا في الظّن ؛ ضرورة أنّه ليس للعمل بالظّن مع قطع النّظر عن الواقع حسن ذاتّي على مذهب أهل الصّواب.
ومنه يظهر : أنّ التّمسّك في حكم المقام بقبح ترجيح المرجوح على الرّاجح ـ كما وقع في كلام غير واحد من الأعلام ـ لا يخلو عن مناقشة ونظر إن كان المراد من الصّفتين في القضيّة ما كان كذلك بالذّات.
__________________
(١) بحر الفوائد : ج ١ / ١٢.