أقول : لمّا كان المدّعى نصب الشّارع طرقا مخصوصة ؛ بمعنى جعله لها في مقابل الإمضاء والتّقرير بحيث يوجب رجوع الجعلين بالتّقريب الّذي عرفت إلى جعل واحد ، فلا محالة يلزم عليه إثبات أمور :
أحدها : الجعل والنّصب بالمعنى الّذي عرفت.
__________________
أخر ، أعني : تعيّن الإمتثال بالاحتمال إذا فقدت الطرق الظنّيّة.
والحاصل : أن جميع ما مرّ من كلامه وشطرا ممّا يأتي منه يرد على صاحب « الفصول » لو أراد وجوب نصب الطريق غير العقلائي عقلا ، ويصحّ ما ذكره في دفع ما يقال : من أن منع نصب الطريق لا يجامع القول ببقاء التكليف وأمّا مع كون المراد ما يعمّ الجعل والإمضاء ، فلا سبيل إلى منع قبح التكليف وحكم العقل بالعمل بالظن مع عدم الطريق الخاص لا يرفع وجوب نصب الطريق على الشارع.
ولقد حمل بعض تلامذة الشيخ نصب الطريق في كلام صاحب الفصول على غير ذلك فأطنب بل أفرط في الإعتراض عليه (*).
وقد أنصف الأستاذ في الحاشية حيث لم ينكر كون المراد من الطرق الخاصّة ما يعمّ ما نصبها من الطرق المتعارفة بين العقلاء امضاء لسيرتهم ولو بعدم الردع عنه قال :
« ومعه لا مجال لعدم نصبها ، ودعواه بيّنة وإنكاره مكابرة » [ حاشية الآخوند على الفرائد : ١٤٦ ].
وما ذكره من اعتراف صاحب « الفصول » بما نقله عنه فلم يظهر لي إرتباطه بالمقام إلاّ بتكلّف ، فهل كان المتوقّع منه أن يقول بلزوم نصب الطريق إلى تلك الطرق فيلزمه لزوم نصبه إلى طريق الطريق وهكذا إلى ما لا نهاية له؟! » إنتهى. وقاية الأذهان : ٥٢٧ ـ ٥٢٩.
(*) الظاهر انه يريد به المحقق الميرزا الآشتياني قدسسره.