أقول : لا يخفى عليك : أنّ ما أفاده أيضا راجع إلى الاستدلال على وجود
__________________
قال [ الشيخ الأنصاري ] طاب ثراه في الجواب عن الدليل الأوّل من الأدلّة التي ذكرها لحجّية مطلق الظنّ من غير خصوصيّة للخبر ما نصّه :
« استحقاق الثواب والعقاب إنّما هو على تحقق الطاعة والمعصية اللتين لا تتحقّقان إلاّ بعد العلم بالوجوب والحرمة أو الظنّ المعتبر بهما ، وأمّا الظنّ المشكوك الإعتبار فهو كالشك ، بل هو هو بعد ملاحظة أن من الظنون ما أمر الشارع بإلغائه ويحتمل أن يكون المفروض منها ». [ فرائد : ج ١ / ٣٧٣ ].
وصريحه : أن المنع عن بعض الظنون يجعل الظن المشكوك الإعتبار كالشك ، بل يحوّله إلى الشك ويجعله هو هو بعينه لا يتحقّق به طاعة ولا معصية ولا يستحق به ثواب ولا عقاب فماذا الذي نقمه من هذا القول وقد قال بمثله وبلغ في المبالغة فيه إلى حدّ لم يصل إليه هذا القائل حيث جعل الظن غير المعتبر شكّا بالحمل الشائع.
هذا وأمّا الإجماع الذي ادّعاه فيحقّ لنا أن نسأل عنه ونقول : هل هو محصّل أو منقول؟ فما طريق تحصيله إن كان محصّلا؟ ومن الناقل له إن كان منقولا؟
ومن الطريف جدّا أن الإجماع على عدم جواز العمل بالقياس في نفس الأحكام الشرعيّة حال الإنسداد مما ينكره مثل المحقق القمّي ويجعله الشيخ أوّل الأجوبة عن إشكال خروج القياس مع تلك التصريحات الكثيرة من أئمة العلم ـ قديمهم وحديثهم ـ بإجماع الشيعة على بطلانه وتركهم كتب مثل الأسكافي أحد السّلف الذي عزّ في الخلف مثله ، ومع تواتر النصوص الواردة في بطلانه ثم يدّعي الإجماع على عدم الجواز في تعيين الطريق به الذي لم يصرّح به أحد ولا جاء فيه خبر واحد ولم يوجد إلاّ في صحيفة الاحتمال ». وقاية الأذهان : ٥٣٢.