ثانيهما : جريان جميع الاستصحابات المثبتة ؛ نظرا إلى عدم المانع من جريانها أصلا ، لعدم لزوم المخالفة العمليّة القطعيّة من العمل بها أصلا لا من جهة الخطابات الواقعيّة ، ولا من جهة الخطابات الظّاهريّة والمخالفة الالتزاميّة.
بل يمكن أن يقال : إنّ العلم الإجمالي بجعل الأمارات لا يوجب الاحتياط في الحكم الظّاهري بالنّسبة إلى الأمارات النّافية للتّكليف فيما لم يكن في مقابلها أصل مقتض للتّكليف ، فضلا عمّا إذا كان. وقد عرفت كونه وجها في كلامه السّابق في طيّ المقدّمات.
والأخذ بالاستصحابات المثبتة على هذا الوجه وإن لم يكن بعنوان الاحتياط ويختلفان بحسب الآثار والأحكام ، إلاّ أنّه مثله في الحكم المقصود منه في المقام.
فالمراد من قوله : « فالعمل مطلقا على الاحتياط » (١) : هو رعاية جانب احتمال التّكليف ولو لم يكن بعنوان الاحتياط.
وما يتوهّم : من أنّ لازم انقلاب التّكليف إلى مؤدّيات الطّرق إلقاء الأصول المقتضية للاحتياط والإلزام في المسألة الفرعيّة فاسد ؛ لأن المراد منه ليس ما يرجع إلى التّصويب بل إلى ما ذكرنا في المراد منه سابقا فتأمّل.
ثمّ إنّه لا يخفى عليك : أنّه قدسسره لم يستوف الأصول النّافية ؛ فإنّها غير منحصرة
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٤٤٦.