والقائل بحجيّة مطلق الظن يقول : إنّ الطّريق للأحكام مطلق الظّن المتعلّق بها بحسب الواقع فقط ، أو هو مع الظّن المتعلّق بها بحسب الظّاهر على الاختلاف ، وإنّ نتيجة مقدّمات الانسداد بحكم العقل ذلك ، لا خصوص الثّاني على ما تقدّم تفصيل القول فيه.
ودعوى : كون الطّريق خصوصه ، محتاجة إلى الإثبات ؛ فلا بدّ من أن يتمسّك له ببعض الوجوه السّابقة ، فلا يكون هذا الوجه دليل مستقلاّ على المدّعى ، هذا.
مع أنّ ما أفاده في بيان تسليم الملازمة بين الظّن بالحكم والظّن بجواز الإفتاء بقوله : « نعم ، لو لم يقم هذا الاحتمال ... إلى آخره » (١) غير محصّل المراد ؛ إذ مع انتفاء احتمال المنع يقطع بحجيّة الظّن بالخصوص فيحصل القطع بجواز الإفتاء فيخرج عن مفروض البحث ، لا أنّه يظنّ بجواز الإفتاء مع انتفاء هذا الاحتمال. فلعلّه سهو من قلمه الشّريف ، أو غلط من النّاسخ فلا تغفل.
ثمّ إنّه لو بني في المسألة على الاستدلال بهذا الوجه ، أمكن الاستدلال بنظيره بالنّسبة إلى ما دلّ على وجوب القضاء على الحاكم في الأحكام الكليّة الإلهيّة ، لا في الشّبهات الموضوعيّة ؛ فإنّ وجوب القضاء على المجتهد في الشّبهات الحكميّة نظير وجوب الإفتاء عليه ثابت بالأدلّة القطعيّة حرفا بحرف.
__________________
(١) نفس المصدر : ج ٣ / ٣٨١.