.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الثاني : فقد اختار المصنف جواز الصرف مع العلم أو الظن القوي بعدم تأدية الورثة.
وليعلم أوّلاً أن الحكم بجواز الصرف للودعي على خلاف القاعدة ، لأنّ مقتضاها عدم جواز تصرف أحد في مال الغير ، سواء قلنا بعدم انتقال المال بمقدار الدين إلى الوارث وبقائه على ملك الميت أو قلنا بالانتقال إليه وإن وجب عليه صرفه في دين الميت ، فعلى كل تقدير لا يجوز لأحد أن يتصرف في هذا المال ، أما على القول بأن التركة مع الدين تنتقل إلى الوارث وإن كانوا مكلفين بأداء الدين ومحجورين عن التصرف قبل الأداء فالأمر واضح ، لأنّ المال ملك للورثة فلا يجوز للودعي ولا لغيره التصرف فيه بدون إذنهم ، وإن قلنا بعدم انتقال المال إليهم وبقائه على ملك الميت فلا يجوز له التصرف فيه أيضاً ، لأنّ المال وإن لم ينتقل إلى الورثة ولكن الولاية ثابتة لهم ، لأنّ أمر الوفاء يرجع إليهم فلعلهم أرادوا الوفاء من غير هذا المال ، بل الوارث في صورة عدم الانتقال بمقدار الدين شريك مع الميت إذا كان المال أزيد من الدين ، مثلاً لو كان دينه مائة دينارٍ وكان المال المتروك مائتين فإن الوارث يكون شريكاً مع الميت حينئذ فكيف يجوز لغيره تقسيمه والتصرّف فيه.
وكيف كان ، لا يجوز للودعي التصرّف في المال إمّا لأنّ المال للوارث أو أنه شريك فيه ، وإما أنه للميت ولكن الوارث له الولاية عليه فلا بدّ من الاستئذان منه.
فدعوى صاحب المستند أن وفاء الدّين واجب كفائي على كل من قدر على ذلك (١) ضعيفة جدّاً ، لأنّ مجرد ذلك لا يجدي في جواز التصرف إلّا في مورد الحج ، هذا كلّه ما تقتضيه القاعدة ولكن مع ذلك استدل لجواز التصرف بأُمور :
الأوّل : أن ذكر الحج في الرواية من باب المثال وإلّا فلا خصوصية للحج ، كما أن ذكر الوديعة كان من باب المثال أيضاً.
وفيه : أن ظاهر النص هو الاختصاص بالحج ، وكونه من باب المثال يحتاج إلى قرينة وهي مفقودة.
__________________
(١) مستند الشيعة ١١ : ١٤٧.