والأقوى مع العلم بأنّ الورثة لا يؤدون بل مع الظن القوي أيضاً جواز الصرف فيما عليه ، لا لما ذكره في المستند من أن وفاء ما على الميت من الدّين أو نحوه واجب كفائي على كل من قدر على ذلك ، وأولوية الورثة بالتركة إنما هي ما دامت موجودة ، وأمّا إذا بادر أحد إلى صرف المال فيما عليه لا يبقى مال حتى تكون الورثة أولى به ، إذ هذه الدعوى فاسدة جدّاً ، بل لإمكان فهم المثال من الصحيحة ، أو دعوى تنقيح المناط ، أو أن المال إذا كان بحكم مال الميت (*) فيجب صرفه عليه ولا يجوز دفعه إلى من لا يصرفه عليه ، بل وكذا على القول بالانتقال
______________________________________________________
الثاني : تنقيح المناط ، واستدل به غير المصنف أيضاً.
ويرد بأنه قياس لا نقول به ، على أن الأولوية غير ثابتة لأنّ الحج أهم من سائر الديون حتى الديون المتعارفة ، فلا مجال للتعدي بتنقيح المناط.
الثالث : أنا إذا قلنا ببقاء المال على ملك الميت وعدم انتقاله إلى الوارث فيجب على من عنده المال صرفه على الميت ولا يجوز دفعه إلى من لا يصرفه عليه لأنه دفع إلى غير المستحق ، وإذا قلنا بالانتقال إلى الوارث وإن وجب عليه صرفه في دين الميت فيجوز للودعي صرفه فيما على الميت من باب الحسبة ، غاية الأمر أن الصرف يكون بإجازة الحاكم الشرعي لأنه ولي من لا ولي له ، ولو دفعه إلى الوارث ضمن لتفويته على الميت. نعم ، لو لم يعلم ولم يظن عدم تأدية الوارث يجب الدفع إليه ، بل لو كان الوارث منكراً أو ممتنعاً وأمكن إثبات ذلك عند الحاكم أو أمكن إجباره عليه لا يجوز له التصرّف في المال ، وإنما يجوز له التصرف في صورة واحدة وهي ما لو علم
__________________
(*) هذا الوجه هو الصحيح لكنه يختص بما إذا كان الميت لا يملك مالاً آخر يفي بأُجرة الحج فإنه مع الملك لا يتعيّن صرف خصوص ما عند الودعي ونحوه في الدين ، بل الواجب صرف الجامع بينه وبين مال آخر ، والباقي في ملك الميت حينئذ هو الكلّي وأمّا شخص المال فهو للوارث فيجري فيه ما يجري في الوجه الآخر ، ثمّ إنه في فرض وجوب الصرف في الدين ونحوه وعدم جواز دفعه إلى الوارث لم تثبت ولاية لمن عنده المال على الصرف فلا بدّ من الاستجازة من الحاكم الشرعي.