للمتمتِّع أن يحرم ليلة عرفة» إلخ ، وأمّا الأخبار المحدّدة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة أو سحرها فمحمولة على صورة عدم إمكان الإدراك إلّا قبل هذه الأوقات فإنه مختلف باختلاف الأوقات والأحوال والأشخاص ، ويمكن حملها على التقيّة إذا لم يخرجوا مع النّاس يوم التروية ، ويمكن كون الاختلاف لأجل التقيّة كما في أخبار الأوقات للصلوات. وربّما تحمل على تفاوت مراتب أفراد المتعة في الفضل بعد التخصيص بالحج المندوب ، فإنّ أفضل أنواع التمتّع أن تكون عمرته قبل ذي الحجّة ثمّ ما تكون عمرته قبل يوم التروية ثمّ ما يكون قبل يوم عرفة ، مع أنّا لو أغمضنا عن الأخبار من جهة شدّة اختلافها وتعارضها نقول : مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا ، لأنّ المفروض أن الواجب عليه هو التمتّع فما دام ممكناً لا يجوز العدول عنه ، والقدر المسلم من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراك الحج واللّازم إدراك الاختياري من الوقوف فإن كفاية الاضطراري منه خلاف الأصل.
يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الأولين ولا يبعد رجحان أوّلهما (*) بناءً على كون الواجب استيعاب تمام ما بين الزوال والغروب بالوقوف وإن كان الركن هو المسمّى ، ولكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال ، فإن من جملة الأخبار مرفوع سهل
______________________________________________________
جميل (١) صريح في جواز إتيان العمرة إلى زوال يوم عرفة ، وهذا يقتضي فوات شيء من الموقف بالطبع بمقدار سيره من مكّة إلى عرفات ، لأنّ ذلك يستلزم فوات عدّة ساعات من الموقف فنرفع اليد عن ظهور خبر الحلبي بصراحة رواية جميل.
وثانياً : أنّ الوقوف الذي هو جزء الواجب هو الوقوف بمقدار المسمّى ، وأمّا الوقوف من الزوال إلى الغروب فهو واجب مستقل وليس بجزء أصلاً لا أنه جزء غير
__________________
(*) بل الأرجح ثانيهما.
(١) الوسائل ١١ : ٢٩٥ / أبواب أقسام الحج ب ٢٠ ح ١٥ ، وتقدّم في ص ٢٣١.