وأيضاً يصدق إدراك الموقف إذا أدركهم قبل الغروب إلّا أن يمنع الصدق فإن المنساق منه إدراك تمام الواجب ، ويجاب عن المرفوعة والصحيحة بالشذوذ كما ادعي ، وقد يؤيد القول الثالث وهو كفاية إدراك الاضطراري من عرفة بالأخبار الدالّة على أن من يأتي بعد إفاضة النّاس من عرفات وأدركها ليلة النحر تمّ حجّه ، وفيه أن موردها غير ما نحن فيه وهو عدم الإدراك من حيث هو وفيما نحن فيه يمكن الإدراك والمانع كونه في أثناء العمرة فلا يقاس بها. نعم لو أتم عمرته في سعة الوقت ثمّ اتفق أنه لم يدرك الاختياري من الوقوف كفاه الاضطراري ودخل في مورد تلك الأخبار.
______________________________________________________
الوقوف الركني ، فالمرجع حينئذ هو الإطلاقات الدالّة على أن من كانت وظيفته التمتّع يجب عليه إتمامه ويكتفي بالوقوف بمقدار المسمّى ولا يلزم الوقوف تمام الوقت ، فمن تمكن من الوقوف الاختياري ولو في الجملة لا ينقلب تمتعه إلى الإفراد ، ولا عبرة بالوقوف الاضطراري.
فتلخص من جميع ما ذكرنا : أن الأصل يقتضي عدم جواز العدول من التمتّع إلى الإفراد أو القرآن في جميع الصور حتى إذا لم يتمكّن من الوقوف الاضطراري أيضاً فضلاً عن الاختياري ، لأنّ الانتقال من واجب إلى واجب آخر يحتاج إلى الدليل فإذا تمكن من درك الحج صحيحاً وإتيان جميع أعماله فهو وإلّا فيبطل أو ينقلب إلى عمرة مفردة ، وأمّا الانقلاب إلى الإفراد وإجزاؤه عن التمتّع فيحتاج إلى دليل خاص.
نعم ، ثبت بالدليل أنه إذا خاف فوت الوقوف بعرفة بمقدار المسمّى ينتقل فرضه إلى الإفراد كما هو مدلول صحيحي الحلبي وجميل ، فلو دخل مكّة معتمراً بعمرة التمتّع وضاق وقته عن إدراك الموقف من عرفة حتى آناً ما يتبدل فرضه إلى الإفراد ، وما ذكرناه هو القدر المتيقن من الأخبار ، أمّا غير ذلك من الروايات فهي متضاربة في نفسها ومعارضة بصحيحي جميل والحلبي المتقدّمين (١) والترجيح لهما ، لموافقتهما للسنّة
__________________
(١) في ص ٢٣١ ، ٢٣٢.