الصبر ، ثقة بنزول النصر. وابتدأ بقصّة موسى وفرعون ، لطولها وشهرتها بين معاصري نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم من اليهود ، فقال : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى) مقدّر بـ : اذكر. أو ظرف لما بعده. (أَنِ ائْتِ) أي : ائت ، أو بأن ائت (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) بالكفر ، واستعباد بني إسرائيل ، وذبح أولادهم.
(قَوْمَ فِرْعَوْنَ) بدل من الأوّل. أو عطف بيان له. ويجوز أن يكون الاقتصار على القوم للعلم بأنّ فرعون كان أولى بذلك. (أَلا يَتَّقُونَ) ويصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته. والتقوى مجانبة القبائح بفعل المحاسن. وهذا استئناف أتبعه عزوجل إرساله إليهم ، للإنذار والتسجيل عليهم بالظلم ، تعجيبا لموسى عليهالسلام من إفراطهم في الظلم واجترائهم عليه.
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) بالرسالة ، ولا يقبلوها منّي. والخوف انزعاج النفس بتوقّع الضرّ. ونقيضه الأمن. وهو سكون النفس إلى خلوص النفع.
(وَيَضِيقُ صَدْرِي) بتكذيبهم إيّاي. عطف على خبر «إنّ». وكذا قوله : (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) بأن لا ينبعث بالكلام ، للعقدة الّتي كانت في لسانه. وقد مرّ (١) بيانها. (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) ليعاونني ، كما يقال : إذا نزلت بنا نازلة أرسلنا إليك ، أي : لتعيننا.
ومعنى الكلام : فأرسل إلى هارون جبرئيل ، واجعله نبيّا ، وآزرني (٢) به ، واشدد به عضدي.
وهذا كلام مختصر ، وقد بسطه في غير هذا الموضع. وقد أحسن في الاختصار حيث قال : (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) فجاء بما يتضمّن معنى الاستنباء.
__________________
(١) راجع ج ٤ ص ٢٣٤ ذيل الآية (٢٧) من سورة طه.
(٢) آزره مؤازرة : عاونه.