وغلّقت الأبواب ، ووكّلت به حرسا يحفظونه. فخرجت من اليمن مع جنودها مقبلة إليه ، فأخبر جبرئيل باستيثاقها عرشها وتوجّهها إليه ، فأراد أن يريها بعض ما خصّه الله من عجائب الأمور وغرائبها ، لتوكيد تصديقها ، ومزيد إيقانها بنبوّته ، فـ (قالَ) لأماثل جنده ، وأشراف عسكره : (يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) منقادين لأمري ، أو مؤمنين.
وعن قتادة : أراد أن يأخذه قبل أن تسلم ، لعلمه أنّها إذا أسلمت لم يحلّ له أخذ مالها.
(قالَ عِفْرِيتٌ) خبيث مارد (مِنَ الْجِنِ) من عفاريته. وهذا بيان له ، لأنّه يطلق على الرجل الخبيث المنكر المعفر (١) أقرانه ، وعلى الشيطان الخبيث المارد.
وكان اسمه ذكوان ، أو صخرا. (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) مجلسك للحكومة. وكان يجلس إلى نصف النهار. (وَإِنِّي عَلَيْهِ) على حمله (لَقَوِيٌ) قادر على الإتيان به في هذه المدّة (أَمِينٌ) آت به كما هو ، لا أختزل (٢) منه شيئا ولا أبدّله.
فقال سليمان : أريد أسرع من ذلك. فعند ذلك (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) وهو آصف بن برخيا. وكان وزير سليمان وكاتبه وابن أخته. وكان صدّيقا يعرف اسم الله الأعظم الّذي إذا دعي به أجاب.
وعن الحسن : أنّ ذلك الاسم الله والرحمن.
وعن مجاهد : هو يا حيّ يا قيّوم. وبالعبرانيّة : آهيا شراهيا. وقيل : هو يا ذا الجلال والإكرام.
وعن الزهري : أنّه قال : يا إلهنا وإله كلّ شيء ، إلها واحدا لا إله إلّا أنت.
__________________
(١) أي : الذي يصرع أقرانه.
(٢) أي : لا اقتطع منه.