وقيل : قبل أن يبلغ طرفك مداه وغايته ويرجع إليك.
قال سعيد بن جبير : قال لسليمان : انظر إلى السماء ، فما طرف حتّى جاء به فوضعه بين يديه. والمعنى : حتّى يعود إليك طرفك بعد مدّه إلى السماء.
وعن مجاهد : ارتداد الطرف إدامة النظر حتّى يرتدّ طرفه خاسئا. يعني : أنّ سليمان مدّ بصره إلى أقصاه وهو يديم النظر.
قال الكلبي : قد خرّ آصف ساجدا ، ودعا باسم الله الأعظم ، فغار عرشها تحت الأرض بمأرب ، ثمّ نبغ (١) عند مجلس سليمان بالشام بقدرة الله سبحانه.
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : «أنّ الأرض طويت له ، فخرج منها العرش بين يدي سليمان».
(فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ) حاصلا بين يديه (قالَ) تلقّيا للنعمة بالشكر على شاكلة أبناء جنسه ، من أنبياء الله والمخلصين من عباده ، الّذين يتلقّون النعمة القادمة بحسن الشكر ، كما يشيّعون النعمة المودعة بجميل الصبر.
(هذا) أي : هذا التمكّن من إحضار العرش في مدّة ارتداد الطرف من مسيرة شهرين (مِنْ فَضْلِ رَبِّي) تفضّل به عليّ ، وإحسانه لديّ ، لأنّ تيسير ذلك وتسخيره ـ مع صعوبته وتعذّره ـ معجزة له عليهالسلام ، ودلالة على علوّ قدره وجلالته ، وشرف منزلته عند الله تعالى.
(لِيَبْلُوَنِي) يختبرني (أَأَشْكُرُ) بأن أراه فضلا من الله ، بلا حول منّي ولا قوّة ، وأقوم بحقّه (أَمْ أَكْفُرُ) بأن أجد نفسي في البين ، أو أقصّر في أداء مواجبه. ومحلّها النصب على البدل من الياء.
(وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) لأنّه به يستجلب لها دوام النعمة ومزيدها ، ويحطّ عنها عبء الواجب ، ويحفظها عن وصمة الكفران ، وترتبط به النعمة ،
__________________
(١) أي : ظهر.