(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) المضطرّ : هو الّذي أحوجته شدّة ما به إلى اللجأ إلى الله. من الاضطرار ، وهو افتعال من الضرورة ، وهي الحالة المحوجة إلى اللجأ. واللام فيه للجنس مطلقا ، يصلح لكلّه ولبعضه ، لا للاستغراق ، فلا يلزم منه إجابة كلّ مضطرّ ، بل الّذي يكون إجابة دعائه مصلحة. وإنّما خصّ المضطرّ ، وإن كان قد يجيب غير المضطرّ ، لأنّ رغبته أقوى ، وسؤاله أخضع.
(وَيَكْشِفُ السُّوءَ) ويدفع عن الإنسان ما يسوءه (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) أي : خلفاء في الأرض ، بأن ورّثكم سكناها والتصرّف فيها قرنا بعد قرن ، فيهلك قرنا ، وينشئ قرنا. أو أراد بالخلافة الملك والتسلّط.
(أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) الّذي أعطاكم هذه النعم العامّة والخاصّة؟! (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) أي : تذكّرون آلاءه تذكّرا قليلا. و «ما» مزيدة. والمراد بالقلّة العدم ، فإنّها قد تستعمل في معنى النفي ، أو الحقارة المزيحة للفائدة.
وقرأ أبو عمرو وروح بالياء. وحمزة والكسائي وحفص بالتاء وتخفيف الذال.
(أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ) بالنجوم في السماء ، والعلامات في الأرض (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أي : ظلمات الليالي. وإضافتها إلى البرّ والبحر للملابسة. أو مشبّهات الطرق. يقال : طريقة ظلماء وعمياء للّتي لا منار بها. (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) يعني : المطر.
(أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) يقدر على مثل ذلك (تَعالَى اللهُ) القادر الخالق (عَمَّا يُشْرِكُونَ) عن مشاركة العاجز المخلوق ، كما يزعمه المشركون.
(أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) وقد أزيح إنكار الكفرة للإعادة بالحجج الباهرة والبراهين عليها ، فهم محجوجون بها ، ولم يبق لهم عذر في الإنكار (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ) بإنزال الأمطار (وَالْأَرْضِ) بإخراج النبات والثمار ، أو بأسباب