يَقُصُ) يخبر (عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) كالتشبيه والتنزيه ، وأحوال الجنّة والنار ، وعزير والمسيح ومريم ، والنبيّ المبشّر به في التوراة ، حيث قال بعضهم : هو يوشع ، وقال بعضهم : لا بل هو منتظر لم يأت بعد ، وغير ذلك من الأحكام. وكان ذلك معجزة لنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ كان لا يدرس كتبهم ولا يقرؤها ، ثمّ أخبرهم بما فيها.
وقال : (وَإِنَّهُ) وإنّ القرآن (لَهُدىً) لدلالة على الحقّ (وَرَحْمَةٌ) ونعمة (لِلْمُؤْمِنِينَ) من بني إسرائيل ومن غيرهم ، فإنّهم هم المنتفعون به.
(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ) بين المختلفين من بني إسرائيل وغيرهم يوم القيامة (بِحُكْمِهِ) بما يحكم به ، وهو العدل ، فإنّه لا يقضي إلّا به. فسمّى المحكوم به حكما. أو أراد بحكمته. وأشار بذلك إلى شيئين ؛ أحدهما : أنّ الحكم له ، فلا ينفذ حكم غيره ، فيوصل إلى كلّ ذي حقّ حقّه. والآخر : أنّه وعد المظلوم بالانتصاف من الظالم.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ) القادر الغالب على ما يشاء ، لا يمتنع عليه شيء ، فلا يردّ قضاؤه (الْعَلِيمُ) بالمحقّ والمبطل ، فيجازي كلّا بحسب عمله.
وفي هذه الآية تسلية للمحقّين الّذين خولفوا في أمور الدين ، وأنّ أمرهم يئول إلى أن يحكم بينهم ربّ العالمين.
ثمّ أمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالتوكّل عليه ، وقلّة المبالاة بأعداء الدين ، فقال : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) ولا تبال بمعاداتهم. ثمّ علّل التوكّل بأنّه على الحقّ الأبلج الّذي لا يتعلّق به الشكّ والظنّ (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) وصاحب الحقّ حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصرته.
ثمّ بيّن علّة اخرى للأمر بالتوكّل ، فقال : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) فاقطع طمعك عن مشايعتهم ومعاضدتهم رأسا. وإنّما شبّهوا بالموتى لعدم انتفاعهم باستماع