ما يتلى عليهم ، كما شبّهوا بالصمّ في قوله تعالى : (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) فإنّ إسماعهم في هذه الحالة أبعد ، فإنّ الأصمّ إذا تباعد عن الداعي ـ بأن يولّي عنه مدبرا ـ كان أبعد عن إدراك صوته. وقرأ ابن كثير : ولا يسمع الصّمّ.
(وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) حيث الهداية لا تحصل إلّا بالبصر.
فجعل سبحانه المصمّم على الجهل كالميّت تارة في أنّه لا يقبل الهدى ، واخرى.
كالأصمّ في أنّه لا يسمع الدعاء ، واخرى كالعمي في أنّه لا يبصر الحقّ.
(إِنْ تُسْمِعُ) أي : ما يجدي إسماعك (إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) إلّا الّذين علم الله أنّهم يؤمنون بآياته ، أي : يصدّقون بها (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) من قوله : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) (١) يعني : جعله سالما لله خالصا له.
ثمّ هدّدهم بقوله : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ) يعني : إذا دنا وقوع الساعة وظهور أشراطه ، وهو ما وعدوا به من البعث والعذاب ، وعند ذلك يرتفع التكليف ، ولا تقبل التوبة (أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) وهي الجسّاسة.
وعن ابن عبّاس : أنّ طولها ستّون ذراعا ، ولها أربع قوائم وزغب وريش وجناحان ، لا يفوتها هارب ، ولا يدركها طالب.
وعن ابن جريج في وصفها : لها رأس ثور ، وعين خنزير ، وأذن فيل ، وقرن أيّل ، وعنق نعامة ، وصدر أسد ، ولون نمر ، وخاصرة هرّة ، وذنب كبش ، وخفّ بعير ، وما بين مفصليها اثنا عشر ذراعا بذراع آدم عليهالسلام.
وروي : لا تخرج إلّا رأسها ، ورأسها يبلغ أعنان السماء ، أو يبلغ السحاب.
وعن أبي هريرة : فيها من كلّ لون ، وما بين قرنيها فرسخ للراكب.
وعن الحسن : لا يتمّ خروجها إلّا بعد ثلاثة أيّام.
وعن عليّ عليهالسلام : أنّها تخرج ثلاثة أيّام ، والناس ينظرون ، فلا يخرج إلّا ثلثها.
__________________
(١) البقرة : ١١٢.