أراد كلّ واحد منّا.
(أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) أي : أرسل ، لتضمّن الرسول معنى الإرسال المتضمّن معنى القول ، كما في المناداة ونحوها. ومعنى هذا الإرسال التخلية والإطلاق ، كما يقال : أرسل البازي. والمراد : أمرك الله بأن خلّهم وأرسلهم يذهبوا معنا إلى فلسطين. وكانت مسكنهما.
روي : أنّهما انطلقا إلى باب فرعون ، فلم يؤذن لهما سنة ، حتّى قال البوّاب : إنّ هاهنا إنسانا يزعم أنّه رسول ربّ العالمين. فقال : ائذن له لعلّنا نضحك منه.
فأذنا ، فدخلا فأدّيا إليه الرسالة. فعرف موسى.
(قالَ) أي : فرعون لموسى بعد ما أتياه وقالا له ذلك (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا) في منازلنا (وَلِيداً) طفلا. سمّي به لقربه من الولادة. والتربية تنشئة الشيء حالا بعد حال. (وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) إنّما قال ذلك امتنانا عليه بإحسانه إليه.
عن ابن عبّاس : لبث فيهم ثماني عشرة سنة. وقيل : أربعين. وقيل : ثلاثين سنة. ثمّ خرج إلى مدين عشر سنين ، ثمّ عاد إليهم يدعوهم إلى الله ثلاثين ، ثمّ بقي بعد الغرق خمسين.
(وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) المراد بالفعلة قتل القبطي بوكزة واحدة. وبّخه به معظّما إيّاه ، بعد ما عدّد عليه نعمته ، من تربيته وتبليغه مبلغ الرجال. (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) بنعمتي وحقّ تربيتي حتّى عمدت إلى قتل خواصّي. قيل : وكز القبطي وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، وفرّ منهم على أثرها. والله أعلم بصحيح ذلك.
وعن السدّي والحسن : معناه : وأنت من الكافرين بإلهك ، إذ كنت معنا على ديننا الّذي تعيب وتقول الآن : إنّه كفر. وقد افترى عليه ، أو جهل أمره ، لأنّه كان يعايشهم بالتقيّة ، فإنّ الله عزوجل عاصم من يريد أن يستنبئه من كلّ كبيرة وصغيرة ، فما بال الكفر؟!