(وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) أي : يستبقيهنّ بدل (١) ، منها. وسبب ذبح الأبناء : أنّ كاهنا قال له : يولد مولود في بني إسرائيل يذهب ملكك على يده. وذلك من غاية حمقه ، فإنّه إن صدق الكاهن لم يندفع بالقتل ، وإن كذب فما وجه القتل؟
وقال السدّي : رأى فرعون في منامه أنّ نارا أقبلت من بيت المقدس حتّى اشتملت على بيوت مصر ، فأحرقت القبط ، وتركت بني إسرائيل. فسأل علماء قومه ، فقالوا له : يخرج من هذا البلد رجل يكون هلاك ملكك على يده.
(إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) فلذلك اجترأ على قتل خلق كثير من أولاد الأنبياء والأولياء لتخيّل فاسد.
(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَ) أن نتفضّل (عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) بإنقاذهم من شدّة عذابه ونقمته. وهذا حكاية حال ماضية ، معطوفة على (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا) من حيث إنّهما واقعان تفسيرا للنبأ. أو حال من «يستضعف» أي : يستضعفهم فرعون ، ونحن نريد أن نمنّ عليهم. ولا يلزم من مقارنة الإرادة للاستضعاف مقارنة المراد له ، لجواز أن يكون تعلّق الإرادة به تعلّقا استقباليّا. مع أنّ منّة الله بخلاصهم لمّا كانت قريبة الوقوع منه ، جاز أن تجري مجرى المقارن. فلا يرد منه أنّه كيف يجتمع استضعافهم ، وإرادة الله المنّة عليهم؟ وإذا أراد الله شيئا كان ، ولم يتوقّف إلى وقت آخر.
(وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) مقدّمين في أمر الدين والدنيا ، يطأ الناس أعقابهم ، ويقتفون آثارهم. وهذا التفسير جامع ما نقل عن ابن عبّاس : أنّ معناه : قادة يقتدى بهم في الخير. وعن مجاهد : دعاة إلى الخير. وعن قتادة : ولاة ، كقوله : (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) (٢).
__________________
(١) خبر لقوله : وقوله ، قبل سطر ، أي : قوله تعالى : «يذبّح ...» بدل من جملة : «يستضعف ...».
(٢) المائدة : ٢٠.