(وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) يرثون فرعون وقومه ، ملكهم وكلّ ما كان لهم.
(وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) أرض مصر والشام. وأصل التمكين أن تجعل للشيء مكانا يتمكّن فيه ويقعد عليه أو يرقد ، ثمّ استعير للتسليط وتنفيذ الأمر على الإطلاق.
(وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ) وزيره الأعظم (وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ) من بني إسرائيل (ما كانُوا يَحْذَرُونَ) من ذهاب ملكهم ، وهلاكهم على يد مولود منهم.
وقرأ حمزة والكسائي : ويرى بالياء ، و (فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما) بالرفع.
قال الضحّاك : عاش فرعون أربعمائة سنة. وكان قصيرا دميما (١). وهو أوّل من خضب بالسواد. وعاش موسى عليهالسلام مائة وعشرين سنة.
وقد صحّت الرواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : «والّذي فلق الحبّة ، وبرأ النسمة ، لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها (٢) ، عطف الضروس على ولدها. وتلا عقيب ذلك : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) الآية».
وروى العيّاشي بالإسناد عن أبي الصبّاح الكناني ، قال : «نظر أبو جعفر عليهالسلام إلى أبي عبد الله عليهالسلام ، فقال : هذا والله من الّذين قال الله : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) الآية».
وقال سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليهماالسلام : «والّذي بعث محمّدا بالحقّ بشيرا ونذيرا ، إنّ الأبرار منّا أهل البيت وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته ، وإنّ عدوّنا وأشياعه بمنزلة فرعون وأشياعه».
ثمّ بيّن سبحانه كيف دبّر في إهلاك فرعون وقومه ، منبّها بذلك على كمال
__________________
(١) الدميم : الحقير القبيح المنظر.
(٢) شمس يشمس شماسا : امتنع وأبى ، وأبدى عداوته. والناقة الضروس : السيّئة الخلق ، تعضّ حالبها.