أتعرفون قاتله؟ ومن يشهد عليه؟ قالوا : لا. فأمرهم بطلبه. فبينا هم يطوفون إذ مرّ موسى من الغد ، وأتى ذلك الإسرائيلي يطلب نصرته ويستغيث به.
(قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) بيّن الغواية ، لأنّك تسبّبت لقتل رجل وتقاتل آخر ، فإنّ من خاصم آل فرعون مع كثرتهم فإنّه غويّ ، أي : خائب فيما يطلبه ، عادل عن الصواب فيما يقصده.
(فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ) أن يأخذ بشدّة (بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما) لموسى والإسرائيلي. يعني : القبطي ، فإنّه لم يكن على دينهما ، ولأنّ القبط كانوا أعداء بني إسرائيل. (قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ).
عن ابن عبّاس وأكثر المفسّرين : أنّ قائل هذا القول الاسرائيلي ، لأنّه لمّا سمّاه غويّا ظنّ أن يبطش به.
وعن الحسن : أنّه القبطي ، لأنّه قد اشتهر أمر القتل بالأمس ، وأنّه قتله بعض بني إسرائيل ، فيؤدّي ذهنه إلى أنّه أراد أن يبطش به. أو اشتهر أنّ الّذي قتل القبطيّ بالأمس لهذا الإسرائيلي.
(إِنْ تُرِيدُ) ما تريد (إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ) تطاول على الناس ، وتفعل ما تريد من الضرب والقتل ظلما وعدوانا ، ولا تدفع بالّتي هي أحسن ، ولا تنظر في العواقب. وقيل : المتعظّم الّذي لا يتواضع لأمر الله.
(وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) بين الناس ، فتدفع التخاصم بالّتي هي أحسن.
(وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ