ومظاهرا للمشركين. أو استعطاف ، كأنّه قال : ربّ اعصمني عن الأعداء ، أو قبل انقطاعي إليك ، بحقّ ما أنعمت عليّ من المغفرة ، فلن أكون إن عصمتني ظهيرا للمجرمين.
وقيل : معناه : بما أنعمت عليّ من القوّة ، فلن استعملها إلّا في مظاهرة أوليائك وأهل طاعتك ، ولا أدع قبطيّا يغلب أحدا من بني إسرائيل.
وفي هذا دلالة على أنّ مظاهرة المجرمين جرم ومعصية ، ومظاهرة المؤمنين طاعة. وإنّما ظاهر موسى من كان ظاهر الإيمان ، وخالف ونازع من كان ظاهر الكفر.
وعن عطاء بن أبي رباح : أنّ رجلا قال له : إنّ أخي يكتب لفلان ، ولا يزيد على كتبه دخله وخرجه ، فإن أخذ منه
أجرا كان له غنى ، وإن لم يأخذ اشتدّ فقره وفقر عياله. فقال عطاء : أما سمعت قول الرجل الصالح : (رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ).
وفي الحديث : «ينادي مناد يوم القيامة : أين الظلمة وأشباه الظلمة وأعوان الظلمة؟ حتّى من لاق لهم دواة ، أو برى (١) لهم قلما ، فيجمعون في تابوت من حديد فيرمى به في جهنّم».
(فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ) في اليوم الثاني (خائِفاً) من قتل القبطي (يَتَرَقَّبُ) يترصّد الاستقادة منه. وعن ابن عبّاس : ينتظر ما يقال فيه من قتل القبطي. يعني : أنّه خاف من فرعون وقومه أن يكونوا عرفوا أنّه هو الّذي قتل القبطي ، فكان يتجسّس في شأنه.
(فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) يستغيثه. مشتقّ من الصراخ. قال ابن عبّاس : لمّا فشا أمر القتل قيل لفرعون : إنّ بني إسرائيل قتلوا منّا رجلا. قال :
__________________
(١) برى القلم : نحته.