تسليم ما هو مال ، لم يجعل هذا الاستئجار مهرا ، بل شرط ذلك في النكاح ، وجعل المهر شيئا آخر ماليّا.
والأوّل أصحّ وأوفق لظاهر الآية ، وموافق لمذهبنا ومذهب الشافعي. مع أنّه يمكن اختلاف الشرائع في ذلك.
(فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً) عمل عشر حجج (فَمِنْ عِنْدِكَ) فإتمامه من عندك تفضّلا ، لا من عندي إلزاما عليك. يعني : لا ألزمكه ، ولا أحتّمه عليك ، ولكنّك إن فعلته فهو منك تفضّل وتبرّع ، وإلّا فلا عليك. كما قال : (وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ) بإلزام إتمام الأجلين وإيجابه عليك. أو المناقشة في استيفاء الأعمال وإتمام العشرة.
وقيل : معناه : أن أكلّفك خدمة سوى رعي الغنم ، لأنّه خارج عن الشرط.
واشتقاق المشقّة من الشقّ ، فإنّ ما يصعب عليك يشقّ عليك اعتقادك في إطاقته ، ورأيك في مزاولته باثنين ، تقول تارة : أطيقه ، وتارة لا أطيقه.
(سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) في حسن المعاملة ، ولين الجانب ، والوفاء بالمعاهدة. والمراد باشتراط مشيئة الله فيما وعد من الصلاح : الاتّكال على توفيقه فيه ومعونته ، لا أنّه يستعمل الصلاح إن شاء الله ، وإن شاء استعمل خلافه. (قالَ) أي : قال موسى لشعيب (ذلِكَ) الّذي عاهدتني فيه (بَيْنِي وَبَيْنَكَ) قائم بيننا لا نخرج عنه (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ) «ما» زائدة ، أي : أيّ أجل من الأجلين :أطولهما الّذي هو العشر ، أو أقصر هما الّذي هو الثمان (قَضَيْتُ) وفيتك إيّاه ، وأتممت وفرغت منه (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) لا يعتدي عليّ في طلب الزيادة عليه. ولمّا كان المعنى : كما أنّي إن طولبت بالزيادة على العشر كان عدوانا لا شكّ فيه ، فكذلك إن طولبت بالزيادة على الثمان. فلا يقال : تصوّر العدوان إنّما هو في أحد الأجلين الّذي هو الأقصر ، وهو المطالبة بتتمّة العشر ، فما معنى تعليق العدوان بهما جميعا؟
والحاصل : أنّ موسى عليهالسلام أراد بذلك تقرير الخيار ، وأنّه ثابت مستقرّ ، وأنّ الأجلين على السواء : إمّا هذا وإمّا هذا ، من غير تفاوت بينهما في القضاء. وأمّا