أنت ، ثمّ تفتريه على الله. أو سحر موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر ، وليس بمعجزة من عند الله.
(وَما سَمِعْنا بِهذا) يعنون السحر (فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) حال منصوبة عن «هذا» ، أي : كائنا في أيّامهم.
يريدون : ما حدّثنا بكونه فيهم. ولا يخلو من أن يكونوا كاذبين في ذلك ، وقد سمعوا وعلموا بنحوه.
أو يريدوا أنّهم لم يسمعوا بمثله في فظاعته. أو ما كان الكهّان يخبرون أنّه يظهر أحد بهذه الطريقة. وهذا دليل على أنّهم حجّوا وبهتوا.
أو يعنون ادّعاء النبوّة ، مع اشتهار قصّة نوح وهود وصالح ، وغيرهم من النبيّين الّذين دعوا إلى توحيد الله وإخلاص عبادته. وذلك لأحد أمرين : إمّا للفترة الّتي دخلت بين الوقتين والزمان الطويل. وإمّا لأنّ آباءهم ما صدّقوا بشيء من ذلك ، ولا دانوا به. فيكون المعنى : ما سمعنا بآبائنا أنّهم صدّقوا الرسل فيما جاؤا به.
(وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ) بحال من أهّله للفلاح الأعظم ، حيث جعله نبيّا ، وبعثه بالهدى ، ووعده حسن العقبى ، يعني : نفسه. ولو كان كما تزعمون كاذبا ساحرا مفتريا ، لما أهلّه لذلك ، لأنّه غنيّ حكيم ، لا يرسل الكاذبين ، ولا ينبئ الساحرين ، لأنّهم المبطلون الظالمون.
وقرأ ابن كثير : قال ، بغير واو ، لأنّه قال ما قاله جوابا لمقالهم. ووجه العطف : أنّ المراد حكاية القولين ، ليوازن الناظر بينهما ، فيميّز صحيحهما من الفاسد.
(وَمَنْ تَكُونُ) وأعلم بمن تكون (لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) العاقبة المحمودة ، فإنّ المراد بالدار الدنيا وعاقبتها الأصليّة هي الجنّة. والدليل عليه قوله عزوجل : (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ) (١). وقوله : (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) (٢). فخلقت
__________________
(١ ، ٢) الرعد : ٢٢ ـ ٢٣ و ٢٤.