(وَإِذا يُتْلى) أي : القرآن (عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ) أي : بأنّه كلام الله (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا) استئناف تعليلا للإيمان به ، لأنّ كونه حقّا من الله حقيق بأن يؤمن به.
(إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ) من قبل وجوده ونزوله (مُسْلِمِينَ) كائنين على دين الإسلام. استئناف آخر بيانا لقوله : «آمنّا به» ، لأنّه يحتمل أن يكون إيمانا قريب العهد وبعيده ، فأخبروا أنّ إيمانهم به متقادم ، لأنّ آباءهم القدماء ذكروه في الكتب المتقدّمة ، وكونهم على دين الإسلام قبل نزول القرآن ، أو تلاوته عليهم.
(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) مرّة على إيمانهم بكتابهم ، ومرّة على إيمانهم بالقرآن. (بِما صَبَرُوا) بصبرهم وثباتهم على الإيمانين. أو على الإيمان بالقرآن قبل النزول وبعده. أو على أذى المشركين وأهل الكتاب.
(وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) ويدفعون بالطاعة المعصية المتقدّمة ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أتبع الحسنة السيّئة تمحها».
أو بالحسن من الكلام الكلام القبيح الّذي يسمعونه من الكفّار. ويؤيّد هذا القول ما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّ معناه : يدفعون بالحلم جهل الجهلاء ، وبالمداراة مع الكفرة أذاهم عن أنفسهم. (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) في سبيل الخير.
(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ) السفه من الناس ، والقبيح من القول (أَعْرَضُوا عَنْهُ) تكرّما وتحلّما ، ولم يقابلوه بمثله (وَقالُوا) للّاغين (لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) لا نسأل نحن عن أعمالكم ، ولا تسألون عن أعمالنا ، بل كلّ منّا يجازى على عمله. (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) متاركة لهم وتوديعا. أو دعاء لهم بالسلامة عمّا هم فيه.
والمعنى : أمان منّا لكم أن نقابل لغوكم بمثله. وهي كلمة حلم. (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) لا نطلب صحبتهم ، ولا نريد مجالستهم ، وإنّما نبتغي الحكماء والعلماء. وقيل : معناه : لا نريد أن نكون من أهل الجهل أو السفه.