الحال. فهو منصوب بنصبين : نصب في اللفظ ، وهو ما يقدّر في الظرف. ونصب في المحلّ ، وهو النصب على الحال. (إِنَّ هذا) يعني : موسى (لَساحِرٌ عَلِيمٌ) فائق في علم السحر والحيل.
ولمّا بهره سلطان المعجزة زلّ عنه ذكر دعوى الإلهيّة ، وحطّ عن منكبيه كبرياء الربوبيّة ، وارتعدت فرائضه ، وانتفخ سحره (١) ، لفرط خوفه من استيلاء موسى على ملكه ، وبلغت به الاستكانة لقومه الّذين هم بزعمه عبيده وهو إلههم ، أن طفق يؤامرهم ويعترف لهم بما حذر منه من غلبة موسى على ملكه وأرضه ، فقال :
(يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ) يتغلّب عليها (فَما ذا تَأْمُرُونَ) في شأنه. من المؤامرة ، وهي المشاورة. أو من الأمر الّذي هو ضدّ النهي. جعل العبيد آمرين وربّهم مأمورا ، لما استولى عليه من فرط الدهش والحيرة.
(قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ) أخّر أمرهما. وقيل : احبسهما. (وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) شرطا (٢) يحشرون السحرة من جميع البلدان.
(يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ) يفضّلون عليه في فنّ السحر. أمالها ابن عامر والكسائي.
(فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) لما وقّت به من ساعات يوم معين.
وهو وقت الضحى من يوم الزينة. والميقات : ما حدّد من زمان أو مكان. ومنه : مواقيت الإحرام.
(وَقِيلَ لِلنَّاسِ) أي : لأهل مصر (هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ) فيه استبطاء لهم في الاجتماع حثّا على مبادرتهم إليه ، كما يقول الرجل لغلامه : هل أنت منطلق؟ إذا أراد أن يحثّه على الانطلاق.
(لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ) أي : نتّبعهم في دينهم (إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ) إن
__________________
(١) السحر : الرئة. يقال للجبان : قد انتفخ سحره ، كأنّ الخوف ملأ جوفه فانتفخ سحره
(٢) الشرط : الحرس وأعوان الولاة وواحدها : شرطي.