به إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : تصدّق به.
وهذه الآية من الآيات البيّنة الشاهدة على صحّة النبوّة ، وأنّ القرآن من عند الله ، لأنّها إنباء عمّا سيكون ، وهو الغيب الّذي لا يعلمه إلّا الله.
(لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ) من قبل كونهم غالبين ، وهو وقت كونهم مغلوبين (وَمِنْ بَعْدُ) ومن بعد كونهم مغلوبين ، وهو وقت كونهم غالبين ، أي : له الأمر حين غلبوا وحين يغلبون ، ليس شيء منهما إلّا بقضائه ، وتلك الأيّام نداولها بين الناس.
وعن أبي سعيد الخدري قال : التقينا مع رسول الله ومشركي العرب ، والتقت الروم وفارس ، فنصرنا الله على مشركي العرب ، ونصر الروم على المجوس ، ففرحنا بنصر الله إيّانا على المشركين ، ونصر أهل الكتاب على المجوس. فذلك قوله : (وَيَوْمَئِذٍ) ويوم تغلب الروم على فارس (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ) إيّاهم ، ومن له كتاب على من لا كتاب له ، لما فيه من انقلاب التفاؤل ، وظهور صدقهم فيما أخبروا به المشركين ، وغلبتهم في رهانهم ، وازدياد يقينهم وثباتهم في دينهم ، ولأنّهم مقدّمة لنصرهم على المشركين.
وقيل : بنصر الله المؤمنين بإظهار صدقهم فيما أخبروا به المشركين من غلبة الروم. أو بأنّه ولّى بعض الظالمين بعضا ، وفرّق بين كلمتهم ، حتّى تفانوا وتناقصوا ، وفلّ (١) هؤلاء شوكة هؤلاء ، وفي ذلك قوّة للإسلام.
وعن أبي سعيد الخدري : وافق ذلك يوم بدر ، وفي هذا اليوم نصر المؤمنون.
(يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) فينصر هؤلاء تارة وهؤلاء اخرى (وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ينتقم من عباده بالنصر عليهم تارة ، ويتفضّل عليهم بنصرهم اخرى.
(وَعْدَ اللهِ) مصدر مؤكّد لنفسه ، أي : وعد الله ذلك وعدا ، لأنّ ما قبله في معنى الوعد ، كقولك : له عليّ ألف درهم اعترافا (لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ) بظهور الروم
__________________
(١) أي : كسر.