السوق قائمة.
وقوله : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ) أي : من القبر (إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) عطف على «أن تقوم» على تأويل مفرد. كأنّه قيل : ومن آياته قيام السماوات والأرض بأمره ، ثمّ خروجكم من القبور إذا دعاكم دعوة واحدة ، فيقول : أيّها الموتى اخرجوا. والمراد تشبيه سرعة ترتّب حصول ذلك على تعلّق إرادته ، بلا توقّف واحتياج إلى تجشّم عمل بسرعة ترتّب إجابة الداعي المطاع على دعائه.
و «ثم» إمّا لتراخي زمانه ، أو لعظم ما فيه ، واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يا أهل القبور قوموا ، فلا تبقى نسمة من الأوّلين والآخرين إلّا قامت تنظر ، كما قال عزوجل : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (١).
و «من» متعلّق بـ «دعا». تقول : دعوت زيدا من أعلى الجبل فنزل عليّ ، ودعوته من أسفل الجبل فطلع إليّ. لا بـ «دعوة» لأنّ الفعل أقوى في العمل. ولا يجوز أن يتعلّق بـ «تخرجون» لأنّ ما بعد «إذا» لا يعمل فيما قبلها. و «إذا» الثانية للمفاجأة ، ولذلك نابت مناب الفاء في جواب الأولى.
(وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من العقلاء ، يملكهم ويملك التصرّف فيهم.
وإنّما خصّ العقلاء لأنّ ما عداهم في حكم التبع لهم.
ثمّ أخبر عن جميعهم ، فقال : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) منقادون لفعله فيهم ، من الحياة والبقاء والموت والبعث وغيرها ، لا يمتنعون عليه في شيء ممّا أراد.
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) يخترعه ابتداء (ثُمَّ يُعِيدُهُ) بعد إفنائه. جعل سبحانه ما ظهر من ابتداء خلقه دليلا على ما خفي من إعادته ، استدلالا بالشاهد على الغائب.
ثمّ أكّد ذلك بقوله : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) أي : أسهل عليه من الأصل بالإضافة
__________________
(١) الزمر : ٦٨.