(وَالْأَبْصارَ) لتبصروا المبصرات (وَالْأَفْئِدَةَ) لتعقلوا بها (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) «ما» مزيدة للمبالغة في القلّة ، أي : تشكرون شكرا قليلا غاية القلّة.
(وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) أي : صرنا ترابا مخلوطا بتراب الأرض لا نتميّز منه ، كما يضلّ الماء في اللبن. أو غبنا في الأرض بالدفن فيها.
وقرأ ابن عامر : إذا ، على الخبر ، والعامل فيه ما دلّ عليه قوله : (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) وهو نبعث ، أو يجدّد خلقنا.
وقرأ نافع والكسائي ويعقوب : إنّا ، على الخبر. والقائل أبيّ بن خلف.
وإسناده إلى جميعهم لرضاهم به. والمعنى : كيف نخلق جديدا ، ونعاد بعد أن هلكنا ، وتفرّقت أجسامنا؟
(بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) بالبعث ، أو بتلقّي ملك الموت ، وما بعده من الثواب والعقاب (كافِرُونَ) أي : جاحدون ، فلذلك قالوا هذا القول.
(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ) يستوفي نفوسكم ، لا يترك منها شيئا. أو يقبضكم واحدا واحدا حتّى لا يبقى أحد منكم. من قولك : توفّيت حقّي من فلان واستوفيته ، إذا أخذته وافيا كملا من غير نقصان. والتفعّل والاستفعال يلتقيان كثيرا ، كتقصّيته واستقصيته ، وتعجّلته واستعجلته. فالتوفّي : استيفاء النفس ، وهي الروح. قال الله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (١). وهو أن يقبض كلّها.
(مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) بقبض أرواحكم ، وإحصاء آجالكم.
وعن مجاهد : حويت لملك الموت الأرض ، وجعلت له مثل الطست ، يتناول منها حيث شاء.
وعن ابن عبّاس : جعلت الدنيا بين يدي ملك الموت مثل جام يأخذ منها ما شاء ، إذا قضي عليه الموت ، من غير عناء. وخطوته ما بين المشرق والمغرب.
__________________
(١) الزمر : ٤٢.